تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

النهار اللبنانية.. ولينزعج فيلتمان!

مصدر الصورة
sns

 

محطة أخبار سورية

نشرت صحيفة النهار اللبنانية الصادرة اليوم الجمعة مقالات تحت عنوان "ولينزعج فيلتمان" قالت فيه.. واضح تماماً أن الإدارة الأميركية تطبق في الشرق الأوسط هذه الأيام سياسة "الأوعية المتصلة"، من منطلق الافتراض أن رفع الصوت عالياً ضد سورية يبرر الاستمرار في العض على أصابع الحكومة الإسرائيلية.

 

لا ينطوي هذا الافتراض على أي مبالغة، لأن الأزمة المتصاعدة بين الرئيس باراك أوباما وبنيامين نتنياهو تحتاج إلى ذخيرة او بالاحرى الى إسناد يساعد البيت الأبيض في مواجهة الحملة الصهيونية الشرسة التي تحاول محاصرة اوباما في الكونغرس ووسائل الاعلام وحتى داخل الحزب الديمقراطي.

 

وعندما تثير واشنطن زوبعة الصواريخ بهذه الطريقة التصعيدية المفتعلة، فإنها تريد على الارجح ان تقول للناشطين في منظمة "ايباك" وغيرها إنها ساهرة على أمن اسرائيل اكثر من الاسرائيليين انفسهم. فبمجرد أن اطلق شمعون بيريس موضوع ايصال سورية صواريخ "سكود" الى "حزب الله"، قامت قيامة الادارة الاميركية، ووصل بها الامر حد قول جيفري فيلتمان أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب: "إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة اذا كانت سورية سلمت "سكود" الى "حزب الله".

 

وسط كل هذا الدوي المتصاعد ضد سورية، رغم عدم وجود اي أدلة أو قرائن تؤكد شحن الصواريخ الى "حزب الله"، بدا الامر مثيراً او بالاحرى مستغرباً عندما أعرب فيلتمان عن تحفظه وانزعاجه من تصريحات الرئيس سعد الحريري، الذي قارن "التقارير" عن صواريخ "سكود" في لبنان بالتقارير الخاطئة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق.

 

❒❒❒  ليس من حق فيلتمان ان يتحفظ وينزعج، على الاقل لأن وزير الخارجية الاسبق كولن باول كان قد حمل الى الكونغرس، صور عربات وانفاق ومنشآت، وعرضها على أنها تشكل دليلاً على امتلاك العراق اسلحة تدمير شامل، وهو ما شاهده العالم من اقصاه الى اقصاه عشية الحرب. ثم كانت المفاجأة انه لم يتم العثور على هذه الاسلحة التي شكلت ذريعة لشن الحرب.

 

الآن ليس هناك لدى الادارة الاميركية اي أدلة حسية أو قرائن او صور تؤكد ان سورية شحنت صواريخ "سكود" الى "حزب الله". وليس لدى العدو الاسرائيلي شيء من هذا. واذا دقق المرء في التصريحات الاميركية، وفي كلام فيلتمان تحديداً، سرعان ما يكتشف ان كل هذه العاصفة الصاروخية الهوجاء تستند الى "الافتراض" و"الظن" و"الاحتمال".

 

والدليل على هذا ان فيلتمان لم يردَّ على اسئلة النواب الذين طالبوه بوضوح قاطع يؤكد صحة "التقارير" عن وصول الصواريخ الى لبنان. واكثر من هذا استعمل فيلتمان لغة الافتراض اكثر من اربع مرات خلال شهادته عندما قال: ""اذا" كانت التقارير صحيحة فعلينا مراجعة كل تفصيل في الخيارات المتوافرة لدينا من اجل ارغام سورية على التراجع"، وفي مكان آخر رد بالقول: "هذا اتهام خطير "اذا" تبين انه صحيح"!

 

على أساس كل هذا، فإن السؤال الجوهري الاعمق: لماذا تنخرط دولة كبرى مثل اميركا، تقول انها تريد حل ازمة الشرق الاوسط، في اثارة هذا الضجيج الصاروخي قبل ان تتبين مدى صحته، ولماذا تكون كلمة "اذا" قاعدة لاطلاق كل هذا الكلام الساخن؟

 

طبعاً لا حاجة الى الاجوبة، فمن المحتمل وربما المرجح ان افتعال الصراخ العالي في وجه سورية يساعد في موازنة مواصلة الضغط الاميركي على نتنياهو، الذي إما ان يستجيب شروط أوباما لاستئناف مفاوضات التسوية، وإما ان تسقط حكومته التي بدأت تتفسخ، وإما ان يفتعل حرباً تستهدف "حزب الله" ولبنان وقد تصل الى سورية.

 

❒❒❒ إن خطورة الوضع ليست غائبة عن ذهن احد في لبنان، وخصوصا رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يعرف جيدا أن اثارة مسألة الصواريخ في اسرائيل اولا، ثم دخول واشنطن عليها تزخيماً وتضخيماً، ربما يشكلان منطلقاً لافتعال محاذير ومخاوف وايقاظ حساسيات وتناقضات داخل لبنان، بما يعرقل عمل الحكومة لتمتين اسس الوحدة الوطنية والمضي في الحوار توصلا الى تفاهم وطني يشكل ترجمة راسخة للوحدة الوطنية في "الدولة القادرة والقوية" التي تشكل مظلة للجميع.

 

ثم ان اثارة العاصفة الصاروخية من دون اثبات او اسناد او قرائن كانت كالمعتاد مجرد محاولة اسرائيلية للتشويش على العلاقات اللبنانية - السورية التي تسجل تقدماً يحرص الحريري على ترسيخه، كما اعلن تكراراً في الاسابيع الماضية. ولهذا فإن تحفظ فيلتمان وانزعاجه من كلام الحريري لن يؤثرا في السهر على متطلبات المبادئ التي تقوم عليها أسس الوحدة الوطنية اللبنانية التي يعاد بناؤها الآن، ولن يعكرا المياه التي تصفو تدريجاً بين لبنان وسورية ويريدها الحريري قاعدة صلبة تقوم عليها اسس الاخوة والتميّز.

 

يعرف فيلتمان جيدا الفرق بين "الاستعراض" الذي قدمه باول لتبرير الحرب على العراق، وشريط الاتهامات "الافتراضية" التي لا تستند الى اي دليل، ومن حق سعد الحريري، لا بل من واجبه كرئيس للحكومة، ان يشبّه او بالاحرى ان يحذر من ان تكون قصة "السكود" استنساخاً اسرائيلياً هجيناً لقصة اسلحة صدام حسين.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.