تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أفكار متناثرة. دوت. كوم..الكسل بين العسل؛ والبصل...

 

يقال إنّ الخالق أنزل المواهب على الشعوب: فخصّ الإغريق بالعمق الفكري، والفرس بالمهارات اليدوية، والعرب بفصاحة اللسان..
 
وفي عصرنا هذا نرى شعوب جنوب شرقي آسيا يتبارون لجذب الناس لصناعاتهم المنافسة بأسعارها، والغرب (الألمان تحديداً) بالجودة والسلع التي تعمر أجيالاً ، ولكن القاسم المشترك بينها جميعاً هو: المزيد من العمل الشاق والدؤوب والمثابر والمضني.. ‏
 
أما نحن.. فمازلنا نتفاخر بفصاحة لساننا، وبحسب القول العامي (الحكي ما عليه جمرك)!! ‏
 
أقول هذا بعد رؤيتي صباحاً عامل تنظيف السيارات يغالب النعاس وهو يترك المياه تنظف بضغطها السيارة والرصيف، وتنساب وتهدَر وهي من الموارد الأثمن في عصرنا هذا... ‏
 
وهو لا يرغب ببذل أيّ جهد يمكن أن يعرّض راحته للخطر.. ‏
 
هنالك قول (العمل الشاق لم يقتل أبداً إنساناً )، وعلى الرغم من أنّ الكثيرين مقتنعين بفحواه، ولكنهم لا يرغبون بتعريض أنفسهم لخطر التجربة!! ‏
 
يقال إنّ أحد التنابل الكسالى كان مستلقياً أمام جهاز التلفاز في بيته، ومن الواضح أنّ قنبلة ذرية ليست قادرة على زحزحته من مكانه الوثير، فلما دقّ جرس الباب بإلحاح.. سأل بصوتٍ عال (من الطارق)، جاءه صوت زوجته أنها نسيت المفتاح، هنا أجابها باسترخاء (روحي بيت أهلك..أنتِ طالق)!!! ‏
 
هنالك مقارنات طريفة بين عدد ساعات العمل التي يبذلها الأمريكي، والأوروبي (ومناقشات طريفة في دول الاتحاد الأوروبي بين الفرنسي والألماني، الخ..)، ومنهم من يتجاوز الساعات الثماني المطلوبة منه، ومنهم من يتفاخر بالعمل سنوات من دون إجازة.. حتى بلا عطلة الأسبوع... وهم كلهم يضمحلون أمام الياباني بانضباطه المدهش، وتفانيه بالعمل حتى تم ابتداع تعبير جديد لوصفه (Workaholic) على نمط المدمن على الكحول (Alcoholic)!! ‏
 
تعالوا هنا لتروا العجب العجاب.. «أخجل من ذكر متوسط العمل لدينا 37 د باليوم»... ‏
 
سألت أحدهم عما يفعل ابنه في وظيفته الجديدة؟ أجاب بتفاخر، أمين مستودع مرة يجرد بضع مواد شهرياً ، وباقي الشهر -الحمد لله- لا عمل ولا تعب... ‏
 
وبنفس معرض الحديث كان أحدهم يستمتع بالبطالة المقنعة ضمن وظيفته، ويقضي وقته في احتساء القهوة والشاي طوال فترة الدوام، وبعد فترة ذهب للطبيب مستشيراً (هل الإكثار من القهوة والشاي يمكن أن يؤثر على صحتي؟؟)... ‏
 
التباطؤ في العمل، والتثاقل فيه أمران مدعاة للخجل، وكل ثانية من الوقت يجب بذلها لبناء غدٍ أفضل، والفراغ يعوّد المرء على العادات السيئة، واليد البَطّالة هي يدٌ شريرة.. وقد كافحت الدول البطالة والتسكع بوسائل متعددة وعديدة، لإبعاد شعوبها عن الإنزلاق في مهاوي الزلل. ‏
 
مع مطالع القرن المنصرم قام العالم الأمريكي فرانك جيلبريث (Gilbreth) بأبحاث حول حركات العامل اليدوية، والوقت المهدور وصنف سبع عشرة حركة اساسية لليد أثناء العمل اسماها بعكس كنيته (therblig) ضابطاً وقت العامل. ‏
 
هنالك فرقٌ شاسع مابين الإنتاج، والانتاجية.. فالأول ما ينتجه العامل، أما الثاني فهو كم الانتاج مقسوماً على وحدة الزمن، وضمن جودة مقبولة.. وتوجد روابط هامة ومباشرة مابين الإنتاجية وارتفاع الدخل القومي في بلدٍ ما. ‏
 
في الختام سأل سائح نمساوي كان في جولة سياحية في إيطاليا (المشهورة باسترخاء شعبها، لاسيما بالمقارنة مع دول شمالي أوروبا) عن ساعات العمل في أحد البنوك، فبادره الدليل الإيطالي مصححاً (سيدي.. هذه ساعات الدوام، لا ساعات العمل)، وشتان ما بين هذه وذاك... ‏
 
دعت الديانات على اختلافها، والحضارات كلها لتقديس العمل، وحضت الخطط الخمسية السورية على احترامه وتقديره، وهنالك توجهات لفصل الإدارة عن الملكية في القطاعين العام والخاص لوضع الشخص الأنسب بمكانه الصحيح، لضمان عمل سليم، وإنتاجية مرتفعة، فهل يتم تطبيق ما وضع في بطون

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.