تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فساد داخلي.. عزلة دولية.. إسرائيل انكشفت اوراقها

 

منذ نشوء الكيان الإسرائيلي، لم يعان الهزال والفساد الذي وصل إليه داخلياً، ولم يتعرض للكره والعزلة ولم يتعر خارجياً كما هو اليوم.
فالفساد والفضائح يداهم رؤوس السلطات في إسرائيل السابقين والحاليين؛ من الرئيس الإسرائيلي إلى رؤساء وزرائه وضباط جيشه، فالمستويات الأدنى والأدنى. فبعد اتهام الرئيس السابق موشيه كاتساف بالاغتصاب والتحرش الجنسي، واستقالته في حزيران 2007، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت أمام القضاء بتهم الفساد والرشاوى والكذب، فيما سجن وزير المالية السابق افراهام هيرشون بتهمة الاختلاس، في حين أن زميله وزير الصحة السابق شلومو بنعزري مسجون اثر إدانته بالفساد والاحتيال.
وقبل أولمرت، فتحت الشرطة تحقيقات لم تؤد الى اتهامات ضد ثلاثة رؤساء حكومات سابقين هم رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وزير الحرب الحالي، وارئيل شارون ، وسط شبهات بتلقيهم تمويلاً غير مشروع لحملات انتخابية...وغيرهم كثيرون.
أكثر من ذلك، فوزير الخارجية الحالي افيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" مطارد هو الآخر من قبل القضاء. وقد أوصت الشرطة في آب الماضي باتهامه بالفساد والاحتيال وتبييض الأموال واستغلال الثقة وعرقلة التحقيق.
في رئاسة الحكومة الإسرائيلية الآن يقبع بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف. أهم صفة تلازم نتنياهو هي الكذب. وقد رافقته منذ توليه رئاسة الوزراء في إسرائيل قبل عشر سنوات وتجدد تأكيدها الآن. وهل أدل على الفساد في إسرائيل من وجود نتنياهو وليبرمان معاً في سدة الحكم؟!!
وإلى جانب والفساد والرشاوى والاحتيال هناك صفة "ارتكاب جرائم حرب"، وهي وصمة دولية تلاحق قادة إسرائيل الحاليين والسابقين، السياسيين والعسكريين الذين باتوا يخشون مغادرة إسرائيل خشية اعتقالهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولاسيما بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، ولاسيما إيهود أولمرت ووزير الحرب إيهود باراك، وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني.
وفي هذا السياق، ورغم معارضة الولايات المتحدة وخمسة من الدول، تبني تقرير القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون الذي يوصي ولا يلزم بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب على غزة، فقد صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، يوم 16/10/2009 على قرار تبنى فيه التقرير، وذلك بغالبية 25 صوتا، في خطوة يأمل ان تفسح المجال أمام معركة دبلوماسية وقضائية دولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه. وبذلك فشلت إسرائيل في حشد الدعم لإجهاض التقرير رغم كل الضغوطات التي مورست.
وقال الكاتب والمفكر المصري محمد حسنين هيكل إن تقرير القاضي غولدستون يشكل ورطة لإسرائيل. وأشار، في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية، إلى أن يهوداً كثيرين في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي "أصبحوا يرون أن إسرائيل تسيء إلى الروح اليهودية" فعبروا عن استيائهم من تصرفاتها.
ولعل المواقف التركية المتتالية من العلاقات مع إسرائيل تلخص الخجل الدولي المضمر والمعلن من مثل هذه العلاقات. وأبرز هذا المواقف ما جاء على لسان وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو، يوم 16/10/2009 واشتراطه لعودة العلاقات الثنائية مع إسرائيل الى المستوى الذي كانت عليه من قبل، وقف «المأساة الإنسانية» في غزة، واستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، مؤكدا انه "عندما تعود إسرائيل الى طريق السلام، ستعود علاقات الثقة الى المستوى الذي كانت عليه" محذراً، انه "طالما استمرت المأساة الإنسانية في غزة، فلا يطلبن احد منا الظهور" مع عسكريين إسرائيليين.
أضف إلى ذلك، ما ذكرته تقارير إعلامية بأن اللقاء المفترض لوزراء خارجية المؤتمر المتوسطي في العاصمة التركية أنقرة بات موضع شك في أعقاب الرفض المصري لحضور وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. ورغم أن مصر لم تخف في السابق موقفها من ليبرمان الذي أهان الرئاسة المصرية مراراً ولم يعتذر عن ذلك، واعتبرته «شخصية غير مرغوب فيها» على أراضيها، إلا أن الجديد هو تطور الموقف من مشاركته في محافل مشتركة. ومن البديهي أن موقفا كهذا، إن تأكد، لا يمكن فهمه على أساس شخصي، بل له أبعاد سياسية كبيرة.
وبعد أن طردت السلطات الروسية قبل فترة دبلوماسيا إسرائيلياً بسبب التجسس والقيام بنشاطات ممنوعة، أغلقت هذه السلطات مكاتب تنظيم «ناتيف»، الذي ينشط في دول الاتحاد السوفيتي السابق بهدف تشجيع هجرة اليهود إلى إسرائيل.غني عن التذكير أن لكل ذلك أثر سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي والهجرة إلى إسرائيل.
هذه بعض الحقائق التي لم تعد إسرائيل قادرة على طمسها. أصبح العالم يشاهد ويسمع ويعي حقيقة همجية وتجبر السلوك الإسرائيلي، والأفعال الإسرائيلية المقيتة والمقززة لم تعد تنطلي على احد. وكلما تجلّت الحقيقة، انعكس ذلك سلباً على إسرائيل التي قامت أصلاً على العدوان والكذب والخداع.
القادة الإسرائيليون صورة المجتمع الذي انتخبهم. ولو لم يكن هذا المجتمع فاسداً لما انتخب مثل هؤلاء القادة المتطرفين ا ليمثلوه في المحافل الدولية. لقد تجبّرت إسرائيل ولم تعد تقيم وزناً لأي أعراف أو تقاليد أو قوانين ومواثيق دولية، وهو ما جعلها مكروهة منبوذة في الأسرة الدولية. انكشفت إسرائيل، وهي واهنة وضعيفة، وهذا ما قد يدفعها للقيام بعمل جنوني باتجاه ما لتستعيد هيبتها. فهل يغتنم العرب اللحظة التاريخية للقيام بإجراء أو بردٍّ ما يضع حدا لغطرستها وعدوانها وتصرفاتها؟!
 
                                                                                                                              بديع عفيف

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.