تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سلة الغذاء السورية بين إهمال الزراعة وقوى الطبيعة

مصدر الصورة
الوطن - SNS

بدأت الحقول في الجزيرة السورية تتحول من لونها الذهبي الى لون برتقالي وأبيض، وتتحول فرحة الفلاح بعد سنوات الجفاف بموسم خير هذا العام الى مأساة.

  واستبشر الحسكاويون خيراً هذا العام بعد الهطلات المطرية الجيدة التي شهدتها المحافظة بداية الموسم وذهب الكثير منهم لزراعة أراضيهم بمحصولي القمح والشعير ممنين أنفسهم بموسم خير يعود عليهم بالخير الوفير لإيفاء ديونهم ولعودة الحياة إلى أراضيهم من جديد بعد انقطاع دام سنوات لكن هذه الفرحة لم تدم طويلاً بسبب تعرض معظم المساحات المزروعة بمحافظة الحسكة لآفة الصدأ الأصفر للقمح والبياض الدقيقي للشعير.

 

وعقدت مديرية الزراعة ودائرة وقاية المزروعات ندوة بحضور الجهات المهنية فلاحية وزراعية

 

وقعت المشكلة... فأين الحل؟

قال رئيس اتحاد الفلاحين في الحسكة خضر المحيسن : إن الإصابة موجودة وإن الجهود المبذولة في حل المشكلة ما زالت دون المستوى المطلوب.

وحول ما يقال إن الأمطار والرطوبة الزائدة هي سبب هذا المرض بين: أن موسم عام 1988 كان مشابهاً لهذا العام من حيث غزارة المطر إلا أنه لم يصب القمح بأي مرض فنحن نرى هذا المرض لأول مرة في حقولنا وأننا ننتظر من مصلحة الزراعة والوحدات الإرشادية توجيهات وإرشادات لمكافحة المرض قبل أن يستفحل. ‏

وفي حال أصبحت قاتلة ومهلكة للمحصول نطالب بإعفاء الديون المترتبة على هذا المحصول وتعويض الفلاحين، إضافة لتأمين وسائل المكافحة للمستقبل في حال تعرض المحاصيل لمثل هذه الأمراض.

‏وإلا فمن أين سيسدد الفلاحون ديونهم؟ وكيف سيأكلون ويصرفون على زراعة المحصول الصيفي إن صدقت مخاوفهم وأفنى مرض الصدأ محصولهم؟

وأشار رئيس اتحاد الفلاحين إلى أن أحد أسباب انتشار المرض وتوسعه توجيهات مديرية الزراعة ووحداتها الإرشادية للفلاحين بعدم السقاية وكان هذا خطأ كبيراً ارتكبته بحقهم لأن التجربة أثبتت أن السقاية أفضل من عدمه في هذه الحالة وأنا مسؤول عن هذا الكلام.

المهندس الزراعي سمير فهد أشار: إنه من 20 شباط اكتشف المرض وقام بمكافحته بطريقة «الكفرول المركب النحاسي» حيث تمت مكافحة 2000 دونم بهذه الطريقة ومنها حقل الفلاح محمد الحمدية في قرية الحداجة ولديه 200 دونم قمنا بمكافحة المحصول وقد بينت النتائج من خلال مقارنة الحقل المكافح من الحقل غير المكافح.

 

أصناف غريبة من القمح

المهندس الزراعي ومساعد باحث في مركز البحوث العلمية عبد الحميد السراج أشار إلى أن أحد الأسباب التي أدت إلى انتشار المرض حسب رأيه هو دخول أصناف قمح غريبة إلى المنطقة العام الماضي بطريقة غير رسمية ولا ندري كيف دخلت علماً أنه تم تشكيل لجان من مديرية الزراعة لمتابعة الأمر ولم يصلوا إلى نتيجة وأن سورية لم تستورد القمح ما يزيد على عشرين عاماً ونتيجة السياسات الخاطئة المتبعة في الزراعة انطلاقاً من ارتفاع المازوت وزيادة أسعار الأسمدة أدت إلى تراجع الإنتاج الزراعي ما أدى إلى استيراد الحبوب لغرض الطحن.

ولدينا أقماح مروية على الآبار الارتوازية كانت تعطي إنتاجاً جيداً كما حصل في عام 2007 بخصوص الحبة السوداء المتوضعة على حبة القمح وتم تشكيل لجان لدراسة وضعها والتي أفادت بعدم صلاحيته للاستهلاك البشري تبين فيما بعد أنها كانت صالحة حيث اشترى التجار كميات الحبوب جميعها على أساس أنها مريضة ورجعوا لبيعها إلى مراكز الحبوب والنتيجة تضرر الفلاح.

 

يسهم في تدني الإنتاج

الصدأ الأصفر لا يشكل أي ضرر على حياة الإنسان وإنما يسهم في تدني الإنتاج، والطريقة المثلى للخلاص من آثار المرض بعد الإنتاج يكمن في فلاحة الأرض للموسم القادم وهناك عمليات أخرى لزراعة القمح والشعير مثل تحليل التربة لمعرفة احتياجاتها من الأسمدة وتنظيم عمليات الري وهي تقع على عاتق رؤساء الوحدات الإرشادية وترشيد الفلاحين في اتباع السياسات الزراعية المناسبة والأمراض التي أصيبت بها محاصيل الحسكة ونسأل المختصين في مديرية الزراعة أين البرنامج الزمني لمكافحة هذه الأمراض؟ وأين الحلول الإسعافية التي كان من الواجب القيام بها قبل أن يقع الفأس في الرأس أم اكتفيتم بمراسلة وزارة الزراعة التي صمت آذانها عن النداء والاستغاثة؟ وأين دور الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية في سورية التي تقوم باستنباط الأصناف الملائمة والمقاومة للمناخ لتلافي هذه الظواهر ولا نبقى متفرجين على ما يحصل؟

 

الرطوبة سببه والمكافحة غير مضمونة

من جانبه أوضح المهندس فهر المشرف رئيس دائرة الوقاية أن الرطوبة سبب رئيسي وأن المكافحة لم تكن مضمونة النتائج وأن المساحة الإجمالية المصابة وصلت إلى أكثر من 190 ألف هكتار وللملاحظة فإن هذا الرقم قبل كتابة الموضوع بساعات ولا ندري بعده الرقم الحقيقي متركزة في المناطق الغربية من المحافظة على الأغلب ومناطق أخرى متفرقة وإن الإصابات طالت بشكل أوسع أصناف الأقماح الطرية وبالأخص (شام 8) الذي أبدى حساسية أكثر للمرض، بينما كانت الأصناف القاسية مقاومة أكثر، حيث تم تشكيل لجان في المصالح الزراعية ودائرة الوقاية والبحوث العلمية جالت على مناطق الحقول المصابة بهدف دراسة الوضع على أرض الواقع وتم توجيه المزارعين بتنظيم السقاية والتخفيف من استخدام السماد وخصوصاً الآزوتي وعدم استخدام المبيدات الكيماوية لعدم جدواها.

وجاءت الظروف المناخية مختلفة تماماً على ما تعودنا عليه في أشهر الشتاء فكان فرق الحرارة 8.5 من بداية كانون إلى 25 من الشهر نفسه إلى 22 درجة مئوية كذلك في شهري شباط وآذار وصل بين 15 آذار و15 نيسان فرق الحرارة بين الليل والنهار ما يقارب الـ16 درجة مئوية.

هذا العامل الحراري تزامنت معه رطوبة نسبية عالية جداً مع الجو الغائم والسديمي فترات طويلة.

وأضاف المشرف: الأصداء هي أمراض فطرية خطرة تصيب محاصيل نجيلية مختلفة مثل القمح والشعير، وهي ثلاثة أنواع تختلف حسب الفطر المسبب وموقع وشكل الإصابة والظروف المناخية لكل منها وقد توجد إصابة مختلطة بأكثر من نوع معاً ومنها:

1- صدأ الساق الأسود يسببه الفطر Puccinia graminis، ويصيب بشكل أساسي القمح وبعض أصناف الشعير ويتطور بدرجة مثالية عند درجة الحرارة 20 درجة مئوية ويعوق تطوره بدرجة حرارة أقل من 15 درجة مئوية وهو يهاجم كل الأجزاء الهوائية للنبات «سوق- أوراق- عصافات» ويوجد بشكل رئيسي على الساق والأعراض المميزة له ظهور بثرات يوريدية بلون بني محمر بيضاوية متطاولة أو مغزلية مرتفعة بشكل واضح تحيط بحوافها نسج النبات الممزقة وهو أخطر أنواع الصدأ.

2- الصدأ المخطط أو الأصفر يسببه الفطر Puccinia striiformis وهو السائد حالياً في محافظة الحسكة، وينتشر بكثرة في المناخات الباردة ويحدث إصابات اقتصادية على القمح والشعير ويتطور بشكل مثالي على درجة حرارة من 10- 14 درجة مئوية وتتوقف الإصابة به مع ارتفاع درجة الحرارة أكثر من 24 درجة مئوية والأعراض المميزة له بثرات يوريدية ذات لون أصفر برتقالي أو برتقالي ذهبي وتوجد بشكل مجموعات خطية متوازية على الأوراق وقد تظهر على السفا والعصافات مع الإصابة الشديدة.

3- صدأ الأوراق «الصدأ البني» يسببه الفطر Puccinia recondita ويعد من أكثر الأنواع انتشاراً ويوجد مختلطاً مع الفطرين السابقين ويصيب القمح بشكل أساسي وبثراته على شكل بقع صفراء مائلة للون البني على الوجه العلوي للأوراق يسود مثالياً على درجة حرارة 15- 22 درجة مئوية.

4- صدأ الشعير، يسببه الفطر Puccinia hordei وهو من أهم الأمراض الصدأ التي تصيب الشعير وخاصة في المناطق التي ينضج فيه المحصول متأخراً ويسود بشكل مثالي في درجة حرارة من 15- 22 درجة مئوية.

للسنة الثالثة يقع الفلاح بين سندان المرض التي تلفح السنابل لتحيلها هشيماً وسندان العطش الذي مس المحصول وجهله في أغلب الأحيان ويبقى هو الخاسر الأكبر والضحية فيغادر الأرض مكرهاً أخاك لا بطل.

الأمراض فتكت بالحقول هذا العام وهذا يتطلب إعداد خطط إستراتيجية مستقبلية عاجلة تتضمن برامج رصد وتنبؤ بأمراض الصدأ وغيرها من الأمراض الوبائية بالاعتماد على تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية /GIS/ والتعاون على المستوى الإقليمي مع دول الجوار والمراكز العلمية البحثية لرصد مصدر وحركة انتقال هذه الأوبئة التي لا تعترف بالحدود الجغرافية لإدارتها بطرق بيئية سليمة بغية عدم وصولها إلى مستوى الضرر الاقتصادي الذي لحق بالمزروعات هذا العام.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.