تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مشروع قانون الاتصالات مئات المليارات مجهولةالمصير

مصدر الصورة
تشرين - SNS

 

لم تخرج النسخة الأخيرة المقترحة من قانون الاتصالات عن عادة«ركاكة الصياغة» التي أضحت السمة الأبرز للجهود المبذولة في هذاالإطار خلال الآونة الأخيرة.
فها هي الفقرة«و» من المادة «70» تتعارض وبشكل فاضح مع أهدافه وأسبابه الموجبة!!. ما يؤسس تالية لثغرة قانونية يمكن لها أن تؤدي إلى مشكلة قضائية ومالية عميقة في قطاع الخليوي, وهي مشكلة منالعيار الذي قد يستحيل حله في المستقبل دون تكاليف باهظة لا تتحملها الشركات, قبل الحكومة. ‏
للوقوف على هذه المشكلةالمرتقبة, يجدر بنا إيراد الفقرتين المتعلقتين بمستقبل قطاع الخليوي كما وردتا فيكل من المادة المذكورة والأسباب الموجبة للقانون. ‏
ماذا تقول الأسباب الموجبة؟
تنص الفقرة «ب» منالمادة«2» من الأسباب الموجبة لمشروع قانون الاتصالات المقترح على الآتي: ‏
«.. وأما مشغلا الهاتف النقال, فلا بد من اتخاذ القرار إما بالإبقاء على عقديهما كما هما, مع نقل الجهةالمستفيدة من تقاسم الإيرادات من المؤسسة العامة للاتصالات (منعاً لتضارب المصالح) إلى جهة حكومية أخرى (وزارة المالية مباشرة مثلاً) أو بتحويل كل من هذين العقدينإلى ترخيص وفق أحكام القانون الجديد, بالتفاوض مع المشغلين مع احتساب مبلغ الترخيصالمطلوب دفعه, وطرائق الدفع على نحو يضمن حصول الدولة على حقوقها المالية كاملةمقارنة بالحالة الراهنة ومع الأخذ في الحسبان المدة الزمنية للترخيصين الجديدين الممنوحين.» ‏
وماذا تقول المادة «70» ‏
أما الفقرة «و» منالمادة«70» في القانون فتنص على ما حرفيته: ‏
«و- تعد عقود الاتصالات النقالة بتاريخ نفاذ هذا القانون تراخيص مؤقتة ممنوحة للشركات المشغلة وتحل الهيئةعند إحداثها محل المؤسسة العامة للاتصالات في تلك العقود. ويتخذ مجلس الوزراءبالتشاور مع تلك الشركات. خلال مهلة لا تتجاوز عاماً واحداً من تاريخ نفاذ هذاالقانون, القرار اللازم بشأن توفيق عقودها مع أحكام هذا القانون». ‏
يجدر التنويه إلى أن «الهيئة» المقصودة هنا هي الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات. ‏
أين المشكلة إذاً؟ ‏
يبدو نافلاً التذكير بأهميةوضوح النصوص القانونية التي سيتحدد من خلالها مستقبل قطاع الخليوي والعلاقة بينلاعبيه. فقياساً لما يجري في الدول المجاورة نجد بأن وزارة الاتصالات اللبنانية قدقدرت قيمة مشروعيها للهاتف النقال اللذين يقومان على مليوني مشترك بـ«6ملياراتدولار» ما يعني منطقياً بأن قيمة مشروعي النقال لدينا اللذين ينطويان على 8 ملايينمشترك «أربعة أضعاف لبنان» يجب أن تساوي نظرياً حوالى24مليار دولار أكثر من تريليونليرة سورية. ‏
لكن المقارنة بين ما ورد فيالأسباب الموجبة للقانون المقترح«وبالتالي أهدافه» وبين مضمون الفقرة «و» منالمادة«70» منه, تظهر أبعاد المشكلة التي ستنجم مستقبلاً عن ذلك التناقض الفاضح بينهما لجهة معالجة مستقبل القطاع, ففي حين أشارت الأسباب الموجبة- التي تعد غيرذات قيمة قانونية- إلى آلية متينة للمعالجة تتضمن أسساً ومرجعيات «بقاء وضع راهن معنقل الملكية إلى المالية.. احتساب مبلغ الترخيص.. طرائق الدفع على نحو يضمن حصولالدولة على حقوقها المالية الكاملة.. الأخذ في الحسبان المدة الزمنية للترخيصين الجديدين الممنوحين» فإننا نجد بأن الفقرة«و» لم تأتِ ضبابية وركيكة الصياغة فحسب, بل إنها جزمت بالترخيص دون أية إشارة أو مرجعية أو أسس لعملية التحويل إلى رخصة بما يضمن حقوق مختلف الأطراف لدى نشوب خلاف ما أثناء عملية التحويل. ‏
المشكلة الأكبر التي ستنجمعن التناقض بين ما ورد في الأسباب الموجبة والمادة«70» فقرة «و» تتمثل في المجهولالذي قد ينتظر قطاع الخليوي, إذ إن القوانين الخاصة بإعادة تنظيم أو هيكلية قطاعما«اتصالات, تجارة..» تنطوي على مواد واضحة تتحدد من خلالها طريقة تسوية الأوضاعالقائمة للشركات وتوفيقها مع نصوص القانون الجديد, وفي حال غياب هذه المرجعيات تصبحقضية التسوية تلك مكان تفاوض بين«الشركات, الدولة» اللذين سيتمسك كل منهما بالحدالأقصى مما يعتبره حقه, وبذلك يصبح الطريق ممهداً للوصول إلى القضاء والتحكيم اللذين سيصطدمان بعقبة غياب الأسس المرجعية في نص القانون, ما قد يتهددنا بتوقفالعمل في مشاريع الخليوي نهائياً لحين البت في خلاف قد يستغرق أعواماً طويلة إذا ماقارناه بقضايا أقل تعقيداً كقضية أمر المباشرة القائمة حالياً في مجلس الدولة, وعندها فقط سنكتشف حجم الفخ الذي يختبئ بين ثنايا القانون, حيث ستتشدد الدولةبالتمسك بحقوقها, فيما الشركات سترزح تحت عبء قضائي جديد ناهيك عن الهبوط المتزايدفي أرباحها وبالتالي شهيتها التطويرية في ظل دورة معقدة وتتضاءل يوماً بعد آخر لرأسالمال.. ‏
لماذا في الأسباب الموجبة ‏
وليس في نص القانون؟ ‏
على كل الأحوال، وبغض النظرعن اللبس شديد الغرابة في الفقرة «و» لجهة حلول «الهيئة، عند إحداثها محل المؤسسةالعامة للاتصالات في عقود الخليوي» وما تكرسه من مشكلة «تضارب المصالح» التي خلقا لقانون لحلها، إلا أنه تجدر الإشارة هنا إلى أن ذكر الأسس والمرجعيات الماليةللتغيير المنتظر في مستقبل قطاع الخليوي يعد «فرض كفاية» حين نتحدث عن تضمينه فيالأسباب الموجبة التي ليست أكثر من مذكرة تبريرية لا يعتد بها مالياً أو قضائياًلأنها ليست جزءاً من القانون إطلاقاً، إلا أن ذلك لم يمنع من تضمين تلك الأسس في الصفحات القليلة لتلك الأسباب، في حين ضاقت صفحات القانون على ذلك التفصيل مع أنهاتعد «فرض عين» يستوجب ذكره في مواده باعتباره المرجع المالي والقضائي الجديد.. ‏
حل سهل.. وفي المتناول ‏
بغض النظر عن النوايا التيلا يجدر الخوض فيها في سياق مسألة مهمة كقضية قطاع الاتصالات الخليوية ومستقبله،إلا أنه قد يكون من السهولة بمكان تجاوز عقبة الصياغة الركيكة للمادة «70» تمهيداًلإغلاق الباب أمام مجاهلها، ولا يتطلب الأمر سوى نقل مضمون الفقرة «ب» من المادة «2» في الأسباب الموجبة، وضمه إلى نص الفقرة «و» من المادة «70» في متن القانون. ‏
اقتراح على سبيل المساهمةالإيجابية ‏
ثمة طرائق أخرى يمكن إدراجها فيما يمكن تسميته بالمساهمة الإيجابية نحو تصحيح مسار القانون، وهي كفيلةافتراضاً- بوقايتنا من المجهول الذي ترتبه الصياغة الركيكة للمادة «70» حيث يمكن للفقرة «و» أن تصبح على الشكل الآتي: ‏
«و- بالنسبة لعقودالاتصالات النقالة التي تنص على أن تؤول ملكية الشركات أو التجهيزات أو المشروعات إلى المؤسسة العامة للاتصالات والمذكورة في المادة السابقة، فإن الهيئة تصدرترخيصاً واحداً لكل نشاط أو خدمة تقوم بها هذه الشركات، وبما لا يمس الملكية التيستؤول إلى المؤسسةالعامة للاتصالات أو عائدات المؤسسة العامة للاتصالات بموجب العقود ويصدر الترخيص باسم المؤسسة العامة للاتصالات والشركة المشغلة للخدمات موضوعالعقد، وتكون الشركة المشغلة هي المسؤولة أمام الهيئة لتنفيذ شروط الترخيص وكل ماهو مذكور في هذا القانون ودون تحميل المؤسسة العامة للاتصالات أية تبعات مالية أومعنوية أو جزائية ناتجة عن حسن تنفيذها لشروط الرخص مواد هذا القانون. وتقومالمؤسسة العامة للاتصالات والشركات المشغلة بتعديل عقودها وفق أحكام هذه المادة والقانون بشكل عام على أن يصدق مجلس الوزراء هذا التعديل». ‏
أما في حال تم الاتفاق على أن تحل وزارة المالية محل المؤسسة في ملكية المشروعات، فيمكن لنا أن نذكر ذلك فيالفقرة المقترحة أعلاه مع الإبقاء على بقية الفقرة، وأما إذا أردنا تحويل العقودإلى رخص وفق ما جاء في الأسباب الموجبة، فيمكن ذكر ذلك صراحة، لتصبح الفقرة «و» كالآتي: ‏
«و- تعد عقود الاتصالات النقالة بتاريخ نفاذ هذا القانون تراخيص مؤقتة ممنوحة لشركات المشغلة، وتحل وزارةالمالية، إحداثها محل المؤسسة العامة للاتصالات في تلك العقود، وتقوم وزارة الماليةبالتشاور مع تلك الشركات، خلال مهلة لا تتجاوز عاماً واحداً من تاريخ نفاذ هذاالقانون باتخاذ القرار اللازم بشأن توفيق عقودها مع أحكام هذا القانون مع احتسابمبلغ الترخيص المطلوب دفعه، وطرائق الدفع على نحو يضمن حصول الدولة على حقوقهاالمالية كاملة مقارنة بالحالة الراهنة، ومع الأخذ في الحسبان المدة الزمنية للترخيصين الجديدين الممنوحين وذلك سواء لجهة نسبة الدولة التي تتقاضاها حالياً منالإيرادات أم القيمة السوقية العادلة للمشروعين التي تحسب وفق المعايير الدوليةلحساب القيمة السوقية العادلة وبالمقارنة بالدول المجاورة. ‏
نحتاج قانون اتصالات.. لكنأي قانون! ‏
بات من البديهي القول بحاجتنا إلى قانون اتصالات معاصر يدفع بالتنافسية ويستقطب الاستثمارات بما يسهم فيالوصول إلى أهداف التنمية والنهضة التي تتطلع إليها سورية. ‏
لكن محاسن القانون المقترح الذي نقل معظمه عن القوانين العربية الحديثة ومشروع القانون الذي أعدته الوزارةبالتعاون مع وزارة الاتصالات المصرية سابقاً، لا يمكن لها أن تبرر الأخطاء القاسيةفي صياغة الفقرة «و» من المادة «70» التي يمكننا الجزم بأنها فريدة تماماً. ‏
اللافت في الأمر حقيقة هوأن هذه المادة التي لا مثيل لها تكاد تكون الفقرة الوحيدة التي أضيفت «محلياً» إلىالنصوص المنسوخة من قوانين العالم؟!.. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.