تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ليست مناورة بريئة

مصدر الصورة
الخليج الإماراتية

تنقل الولايات المتحدة استفزازاتها من مكان إلى آخر، في إطار استراتيجيتها التي تهدف إلى إشغال العالم بالصراعات لتأكيد قيادتها للنظام العالمي، وهيمنتها على مسار التطورات الدولية، وإمساكها بكل خيوط الأزمات التي تعصف بالعالم، من منظور المفهوم الدفاعي الرئيسي لإدارة الرئيس جو بايدن، وهو «الردع المتكامل» الذي يعني العمل مع الشركاء من ذوي التفكير المتماثل، وتجميع عوامل القوة الجماعية، لمواجهة الأخطار التي ترى الولايات المتحدة أنها تهدد أمنها، وخصوصاً سعي بعض الدول إلى إقامة نظام دولي جديد أكثر عدالة ومساواة، ما يعني إزاحتها عن نظام تعتبره حكراً لها.

من خلال قيادتها للتحالف الغربي في مواجهة روسيا في الحرب الأوكرانية، وسعيها إلى محاصرة الصين عسكرياً بالأحلاف، واقتصادياً بالعقوبات، لمنعها من التقدم لأخذ دورها في تعزيز علاقاتها بدول العالم، وتنظيم مناورات عسكرية واسعة في أوروبا ومناطق أخرى، تحاول الولايات المتحدة أن تثبت بعكس الواقع، أن قدراتها العسكرية كفيلة بتأكيد قيادتها العالمية.

إن المناورات العسكرية واسعة النطاق التي بدأت يوم الرابع من الشهر الحالي، وتستمر حتى الرابع عشر منه، بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تحت اسم «درع الحرية» تجري وسط تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وفي منطقة بحر الصين الجنوبي، بما يشكله ذلك من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة عسكرية، تضع منطقة شمال شرق آسيا في خطر شديد، خصوصاً أن المناورات التي تشارك فيها حاملة طائرات وقاذفات قنابل والأصول الفضائية والسيبرانية، تستهدف مواجهة التهديدات الصاروخية والنووية لكوريا الشمالية.

وتشمل مناورات «درع الحرية» البرية والبحرية والجوية ضعف عدد القوات من الجانبين، مقارنة بالعام الماضي من دون الكشف عن عددها. وقال المتحدث باسم هيئة الأركان المشتركة الكولونيل لي سونغ جون، إن التدريبات تهدف في المقام الأول إلى «تحييد التهديدات النووية لكوريا الشمالية، بما في ذلك تحديد وضرب صواريخ كروز» التي قالت بيونغ يانغ أنها يمكن أن تحمل رؤوساً نووية حربية.

كوريا الشمالية ردت بغضب على هذه المناورات، وقالت أنها تدريبات على «حرب نووية»، وصفتها بأنها «عدوانية»، وحذرت سيؤول وواشنطن من «دفع ثمن باهظ »، وحضتهما على وقف هذه «المناورات المتهورة».

لا شك في أن هذه المناورات تؤدي إلى عدم الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، وتنذر بعواقب وخيمة، إذا تواصل التحدي بين كل من كوريا الشمالية من جهة، وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة من جهة أخرى، جراء غياب الحل في شبه الجزيرة الكورية وخلق بيئة إقليمية مستقرة، من خلال جهود دبلوماسية حقيقية وفعالة، وعبر الحوار والمفاوضات، بما يكرس عوامل الثقة المتبادلة، وتحقيق مصالح مختلف الأطراف، وذلك يقتضي التخلي عن عقلية الحرب الباردة، والهوس بفرض العقوبات، وزيادة الوجود العسكري الأجنبي، واستخدام قضية شبه الجزيرة الكورية ذريعة، لإثارة التوترات عمداً، من خلال دمج شبه الجزيرة في استراتيجية الهيمنة الإقليمية.

إن مثل هذه الممارسات، ومن بينها المناورات العسكرية، لن تؤدي إلا إلى إثارة المواجهة، وتصعيد لغة الحرب، وتقويض كل عوامل الثقة التي يجب أن تنبني عليها علاقات الدول، خصوصاً أن العلاقات الكورية - الكورية هي في ذروة التوتر، وقابلة للانفجار في أية لحظة، في حال أي خطأ بالحسابات.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.