حرفة عمالها لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة بعمر تجاوز الخمسين من الأعوام، ومالكو المهنة أقل عدداً منهم وأكثر عناداً من المتغيرات في محاولاتهم للحفاظ على هذه المهنة التي يعتبرونها اليوم مهنة نصف صناعية بعد إدخال الأنوال الميكانيكية في صناعتها.
ويسأل أحد أصحاب معامل البروكار أنطون مزنر: "هل يبقى الحفاظ على هذه المهن التقليدية، عبئاً على أهلها فقط؟"، ويشتكي مزنر الضريبة التي تصل سنوياً إلى أكثر من مئتي ألف ليرة سورية مقسمة على ضريبة دخل مقطوع ونظافة في حين يصل إنتاجه السنوي إلى ثلاثة آلاف متر من البروكار بسعر 1400 ليرة للمتر الواحد تقريباً، أي قرابة أربعة ملايين ليرة سورية ثمن إنتاجه الكلي.
وأكد مزنر أن نسبة ربحه لا تتجاوز العشرة بالمائة أي أربع مئة ألف ليرة سورية يدفع نصفها ضريبة.
حكاية مهنة ملكية...
نسج البروكار يعود إلى مئات السنين، فهو قماش مصنع من خيوط حريرية طبيعية مستخرجة من دودة القز التي تجلب من منطقة دريكيش ويدخل فيها خيط ذهبي أو فضي مضيفاً بعض الرسومات والألوان، مما دفع كبار وأعظم الشخصيات أمثال الملكة إليزابيث والبابا بيندكتوس والبابا يوحنا بولس الثاني بابا روما إلى ارتدائه في أهم مناسبات حياتهم، ورغم كل هذه الأسماء العملاقة لا تدر مهنة البروكار غير "أرباح هزيلة بسبب قلة البيع ولارتباطها بالسياحة وبالطبقة الغنية وهي فئة قليلة من الناس" بحسب مزنر الذي يرجع سوء الأوضاع اليوم إلى "وجود الآلاف من محلات الأقمشة الصناعية واشتداد المنافسة بسبب دخول المواد الصناعية والتقليد على المهنة".
وبالرغم من الظروف السابقة الذكر وصعوبة المنافسة إلا أن مزنر لم يحاول اللجوء لأي جهة مدنية أو حكومية لتساعده وتقف معه فهو يعتقد "أنه من غير الممكن لهم مساعدتي بأي وسيلة".
ويقول مزنر" لا أريد قروضاً لأنها لا تفيدني بتطوير عملي ولكن يكفيني أن تقوم تلك المؤسسات بشراء بضاعتي أو أن يكون هناك مراعاة لنا بالضريبة كحرفة أي أن يكون هناك فئة ضريبية خاصة بالحرفيين، فهناك اختلاف بين معمل البروكار أو ورشة الخزف وبين معامل الأقمشة الصناعية التي تنتج بشكل يومي مواد يصل سعرها إلى سبع مئة ألف ليرة سورية وأكثر".
الإعفاء الضريبي غير ممكن
يؤكد الاتحاد العام للجمعيات الحرفية أهمية إعفاء كل المهن التراثية من الضريبة وليس فقط البروكار، لذا توجه الاتحاد مخاطبا وزارة المالية بتاريخ 4/6/2007 بكتاب أشار فيه إلى مضمون كتاب القيادة القطرية الصادر عن مكتب العمال والفلاحين القطري رقم 3345 تاريخ 11/4/2007 بشأن إعفاء الحرف التراثية من الضرائب والرسوم المفروضة عليها.
وجاء رد وزارة المالية على مطالبات الاتحاد العام للجمعيات الحرفية بأن "النصوص القانونية الحالية لا تسمح بإعفاء أصحاب المهن التراثية من الضرائب وأن مبالغ الضرائب المفروضة على المذكورين هي مبالغ رمزية لا تشكل عائقاً أمام استمرارية هذه المهن اليدوية"، وأشار كتاب المالية إلى أن أصحاب تلك المهن هم من "عداد مكلفي ضريبة الدخل المقطوع ويستفيدون من إعفاء قدره "50000" ل.س من الأرباح السنوية الصافية وفقاً لأحكام القانون رقم /24/ لعام 2003" ولم يعاود اتحاد الجمعيات الحرفية المطالبة بخفض الضريبة أو إلغائها ثانية !!
