تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نسف استعلاء الغرب

مصدر الصورة
عن الانترنيت

علي قباجة

انقلاب النيجر في ظاهره اضطراب سياسي، وشأن داخلي، لكنه في باطنه يخفي دلالات عدة منها ما يتعلق بالنيجر؛ حيث إنه يحمل رسالة للغرب عامة وفرنسا خاصة أن نيامي لم تعد البئر التي تأخذ منها ما تشاء من اليورانيوم مقابل فتات، ومنها ما يتعلق بمستقبل القارة ككل؛ إذ سبقته انقلابات غينيا وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى ومالي، وفي ذلك رسالة كذلك للغرب بأن عهداً جديداً للقارة بدأت تُكتب صفحاته، والخيرات الإفريقية لم تعد بالمجان كما كانت فيما مضى، وهناك دول أخرى كالصين وروسيا دخلت ميدان المنافسة لاستثمار ثروات القارة، ومن يعرف كيف يتعامل مع إفريقيا وشعوبها نداً لند، فإنه سيحظى بامتيازاتها.

التنافس الغربي الصيني الروسي على القارة الإفريقية، يعكس تحولات جيوسياسية واقتصادية مهمة؛ إذ إن كل جانب يرى القارة السمراء من وجهة نظر مغايرة للآخر، فالدول الغربية عامة، تتعامل مع إفريقيا بمعيارين متباينين، ففي جانب ترى القارة بوصفها مصدراً للموارد الطبيعية، وسوقاً محتملاً للمنتجات والخدمات، وفي جانب آخر تحارب المهاجرين القادمين منها، وتمنع وصولهم إليها، فهي تريد أن تسلب خيرات القارة؛ بل تتدخل عسكرياً إذا تعارض أي أمر مع مصالحها الاقتصادية من دون أن تحقق أدنى فائدة للشعوب الإفريقية، بينما تسعى الصين إلى ضمان وصولها إلى الموارد والتجارة، ما يجعلها تستثمر بشكل كبير في مشاريع البنية التحتية، وتسهم في تطوير اقتصاد القارة، وعلى الرغم من أنها حديثة عهد بإفريقيا مقارنة بأوروبا، فإنها تمكنت من حيازة استثمارات عدة، وساعدها على ذلك أمران رئيسيان؛ أولهما أن هدفها تحقيق فائدة اقتصادية من دون أي نية للتدخل السياسي حتى إن قاعدتها في جيبوتي مخصصة لحماية مصالحها الاقتصادية من دون وجود أي مؤشر على استخدامها لتحقيق أطماع توسعية بالنظر إلى طبيعة تسليحها، وثانيهما أن الدول الإفريقية ضاقت ذرعاً بالغرب الذي تحمل تجاهه ذكريات استعمار مؤلمة، بينما تسعى روسيا إلى تعزيز تأثيرها الجيوسياسي والاقتصادي في القارة من خلال التعاون في المجالات الاستراتيجية مثل الطاقة والأمن، كما أنها تريد أن توسع من تحالفاتها في المياه الدافئة؛ لذا فإنها تعمل على خطب ود دول القارة من خلال تقديم المساعدات وتعهدها بتقديم القمح من دون مقابل خير مثال على ذلك.

 هذا التنافس على الرغم من إيجابياته لإفريقيا؛ حيث أصبح بإمكانها اليوم اختيار من تشاء للتحالف معه، فإن له تداعيات عدة تشمل: انخفاض أسعار السلع والخدمات من جرّاء التنافس، والاستغلال البيئي باستنزاف الموارد الطبيعية، وانتشار التطرف؛ إذ ستسعى الدول المتنافسة إلى إذكاء حروب بين دول حليفة لها ودول حليفة لغيرها، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الأمنية.

على الرغم مما حمله انقلاب النيجر من نسف لما تسمى القيم الديمقراطية، فإنه ربما كان نتيجة لرفض استمرار الهيمنة الغربية على دوائر صنع القرار في القارة السمراء، لا سيما أن النظرة الاستعلائية من قبل الغرب وعدم نسيانه أن هذه الدول كانت من مستعمراته تؤجج الشعوب الإفريقية وتدعوها إلى رفض كل من يرضخ لتلك الهيمنة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.