تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

معضلة الصين لواشنطن

مصدر الصورة
عن الانترنيت

أحمد مصطفى

ربما كان أهم ما ميز قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة في ليتوانيا الأسبوع الماضي، هو دعوة زعماء أربع دول من منطقة آسيا والمحيط الهادي للقمة التي ضمت زعماء 31 دولة أعضاء في الحلف بقيادة الولايات المتحدة. ورغم أن لغو الحديث الرسمي دار في أغلبه حول أوكرانيا، إلا أن الصين كانت المحور الأساسي لقمة الحلف الدفاعي والعسكري الغربي. فكل ما يتعلق بأوكرانيا متفق عليه مسبقاً، خاصة أنه ليس هناك من يقدم دعماً أو يساند كييف من دول أوروبا أو غيرها إلا بالاتفاق مع الأمريكيين.

وبدرجة ما، ترى واشنطن أنها حققت، ولو نسبياً، هدفها الاستراتيجي من حرب أوكرانيا وهو «تشكيل تحالف غربي موسع تقوده أمريكا، بما يعزز وضعها كقوة عظمى وحيدة في العالم». فرغم بعض التباين في المواقف بين بعض دول أوروبا والولايات المتحدة بشأن الحرب في أوكرانيا، إلا أن الأوروبيين ليس لديهم خيار في الوقوف بوجه روسيا سوى الانصياع للخط الأمريكي.

يختلف الأمر إلى حد ما في ما يتعلق بالصين. فالاستراتيجية الأمريكية التي تعتمد أساساً وقف صعود الصين وروسيا، قد لا تخدم مصالح أوروبا المرتبطة بالتجارة والاستثمار مع بكين. ثم إن روسيا تمثل بلد جوار لأوروبا التي تعتمد إلى حد كبير على الحماية العسكرية الأمريكية ضمن حلف الناتو. أما الصين فهي وإن كانت قادرة على تشكيل تهديد استراتيجي، لكنه ليس بالدرجة ذاتها التي قد تأتي من روسيا.

ترى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بالإمكان توسيع التحالف الغربي ليشمل الوقوف بوجه الصين أيضاً، وفي ذلك مزيد من التدعيم للزعامة والقيادة الأمريكية. لذا، دعي رئيس كوريا الجنوبية ورؤساء حكومات أستراليا واليابان ونيوزيلندا لقمة الناتو الأخيرة. واتفق على فتح مكتب للحلف في طوكيو وأقر اتفاق أمني بين الحلف وسيؤول. لم تكن مشاركة الزعماء الآسيويين الأربعة بسبب أوكرانيا، حتى لو كان ذلك ما هو معلن في البيانات الرسمية. إنما كانت الصين في قلب مشاركتهم في قمة الناتو وهم من خارج عضويته.

رغم الإعلان عن اتفاقات تعاون بين الناتو ودول آسيا والمحيط الهادئ تلك، إلا أن الحلف يظل أوروبياً غربياً حتى الآن. ربما لا تتحمس واشنطن لفكرة «توسع الناتو شرقاً» التي طرحتها قبل نحو عامين، لكنها ترغب في توسيع «التحالف الغربي»، ليشمل آسيا والمحيط الهادي ليس فقط لحصار الصين ووقف صعودها، وإنما أيضاً تأكيداً لتفرد واشنطن بقيادة العالم.

إلا أن إدارة الرئيس بايدن تواجه معضلة في تصديها للصين، ليس فقط لأن الصين تختلف عن روسيا، ولا لأن موقف الأوروبيين من الصراع مع الصين يختلف عن الصراع مع روسيا. بل إن هناك عوامل تكتيكية وآنية مهمة تحكم تصرف إدارة بايدن في الوقت الراهن. فالشركات والأعمال الأمريكية المرتبطة بالصين لديها مصالحها التي تفرض حدوداً لمشاركتها في التصعيد ضد الصين حرصاً على أعمالها. كما أن البيت الأبيض يستعد إلى عام حملات انتخابية.

لذا أصبحت بكين في الأسابيع الأخيرة وجهة أساسية لوزراء الإدارة الأمريكية، ففي أقل من شهر زار الصين ثلاثة من الوزراء وكبار المسؤولين الأمريكيين. كان أولهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن الشهر الماضي، ثم تلته وزيرة الخزانة جانيت يلين هذا الشهر، وتبعها مبعوث المناخ لإدارة الرئيس بايدن وزير الخارجية السابق جون كيري. يستهدف «الحج الوزاري» الأمريكي لبكين الحيلولة دون ردود فعل صينية قوية على إجراءات الحصار والعقوبات الأمريكية – على الأقل ليس في فترة الحملات الانتخابية لإعادة انتخاب بايدن وتحسين فرص الديموقراطيين في الكونجرس العام القادم.

تلك هي المعضلة الأساسية أمام واشنطن في التعامل مع الصين: تريد تصعيد الصراع معها، وفي الوقت نفسه لا تريد أن يؤدي ذلك إلى التأثير سلباً في انتخابات العام القادم.

 ومن النتائج المعلنة لزيارات أركان إدارة بايدن لبكين في الأسابيع الأخيرة، لا يبدو أن الرئيس الصيني شي جين بينغ وحكومته متحمسين لمنح بايدن وإدارته صنيعاً بلا مقابل. فلننتظر ونرى ما ستحمله الأيام، وما إذا كانت واشنطن قادرة على تجاوز معضلة بكين أم لا.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.