تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حرب المسيّرات

مصدر الصورة
عن الانترنيت

علي قباجة

استعرت حرب المسيّرات بين روسيا وأوكرانيا، باستهداف عاصمتي الدولتين، وبدأ الصراع يأخذ شكلاً آخر، مع تجرؤ كييف على شن ضربات في العمق الروسي، وصولاً إلى أحياء سكنية في موسكو، فضلاً عن المدن الحدودية التي أصبحت باستمرار تحت النيران الأوكرانية، هذه الهجمات دفعت بوتين إلى التعليق عليها بالقول: «إنها لن ترهبنا ولن تدفعنا إلى ردة فعل يرغبونها»، ووصفها ب«إرهاب تقوده كييف»، بينما تنتهج الأخيرة سياسة التكتم، بعدم الإعلان عن عملياتها، في محاولة منها لمنع روسيا من هجوم انتقامي واسع، إضافة إلى عدم إثارة الغرب الذي يرفض حتى اللحظة استهداف الأراضي الروسية، ويشترط في دعمه العسكري، إبقاء العمليات في نطاق الحدود الأوكرانية.

يبدو أن أوكرانيا تعتزم نقل المعركة إلى الأراضي الروسية، وظهر ذلك في أكثر من مناسبة، منها شن عمليات برية على بعض المدن، استطاعت روسيا تحييدها، لكن الهدف منها تشتيت القوات الروسية، ودفعها للانكفاء إلى تعزيز الجبهة الداخلية، وربما تنجح في ذلك جزئياً في حال استمر القرار الروسي بعدم التوسع في العمليات العسكرية.

لكن قد يكون رهان كييف على ذلك خاطئاً، لأن موسكو أكدت أكثر من مرة أنها لا تنوي «اللجوء إلى حرب شاملة»، وفي حال اضطرت إلى اللجوء إليها، فهذا يعني أن أوكرانيا ستدخل في مرحلة نارية لم تشهدها من قبل، وستتكبد خسائر لا يمكن احتمالها.

لكن ما يقوي شوكة كييف هو الدعم الغربي اللامحدود، فأمريكا قدمت مساعدات بقيمة 37.6 مليار دولار منذ الهجوم الروسي، آخرها حزمة تشمل بطاريات باتريوت وأنظمة ستينغر المضادة للطائرات وقذائف مدفعية وغيرها، وثمة نية لتسليمها مقاتلات «إف 16»، بينما قدمت بريطانيا صواريخ «ستورم شادو» بعيدة المدى، يبلغ مداها 250 كلم، وهي قادرة على ضرب أراض روسية، فضلاً عن الدعم الكبير من دول أخرى، ما يجعل أوكرانيا بموضع الند القادر على إحداث خسائر فادحة في القوات الروسية، ورفع سقف طموحاتها لاستعادة ما فقدته؛ بل وإيلام روسيا في الخاصرة.

 لم يكتفِ الغرب بذلك، فقد كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن تحركات أوروبية لعقد قمة دولية، بهدف إعادة صياغة خطة السلام الأوكرانية، وحشد الدعم لشروط كييف لإنهاء المعركة، وهذه إشارة أخرى إلى أن الحرب التي تخاض الآن هي عالمية، لكنها محصورة بالأراضي الأوكرانية، ويسعى المعسكر المناهض لروسيا للانتصار فيها بأي ثمن.

 لكن مهما قدم الغرب من دعم، فإن روسيا لن تكون هزيمتها سهلة، والنار التي تمسّ اليوم بأمنها، قد يكتوي بها الغرب بأكمله، لأن زيادة الضغط تولد الانفجار، وانفجار روسيا أمام الضغوط ليس مضمون النتائج، وقد أكدت أكثر من مرة أن الهزيمة تعني حرباً نووية كونية لا تُبقي ولا تذر، في حين يرى الغرب أن مسألة إسقاط روسيا هي حياة أو موت.. وبين هذا وذاك يبدو أن الحرب ستطول كثيراً لتستنزف الجميع، هذا إن لم تخرج إلى نطاق أوسع ومدمر.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.