تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المستثمرون يتحوطون ضد أسوأ تقلبات الليرة التركية مع اقتراب الانتخابات

مصدر الصورة
العرب

يستعد متداولو الليرة التركية لمواجهة التقلبات المحتملة قبل أسابيع قليلة على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعدما تصدرت تكلفة التحوّط ضد تقلبات العملة المحلية كل العملات على مستوى العالم، الأمر الذي يجعل الأعمال والاستثمارات وحتى التجارة في وضع هو الأقسى على الإطلاق.

أنقرة - تضاعف التقلب الضمني في الليرة التركية مقابل الدولار لمدة شهر واحد في يومين، حيث يتضمن هذا الأجل موعد التصويت المقرر في الرابع عشر من مايو المقبل عند 32.7 في المئة الاثنين، متفوقا على كل العملات الأخرى.

وبغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فقد بعثت بنوك وول ستريت مؤخرا بإشارات مقلقة تتضمن توقعاتها باحتمالية حدوث ضعف كبير في الليرة، مستشهدة بمخاوف بشأن استدامة جهود الحكومة لإبقاء سيطرة صارمة على العملة في السنوات القليلة الماضية.

وتراجعت الليرة بالفعل بنسبة 25 في المئة خلال العام الماضي لتسجل أدنى مستوياتها، وتراجعت لليوم السادس الاثنين إلى 19.38 مقابل الدولار.

ويرجح محللو جي.بي مورغان هبوط الليرة التركية أمام الدولار بواقع 30 في المئة عن مستواها الحالي في ظل تزايد التقلبات، حتى مع افتراض التزام عكس سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان الاقتصادية غير التقليدية بعد الانتخابات.

وكتب محللو البنك الاستثماري الأميركي في مذكرة إن “في حالة الالتزام القوي بسياسات الاقتصاد الكلي التقليدية، نتوقع أن يصل سعر الدولار مقابل الليرة إلى الذروة عند مستوى 24 و25، وسط تقلبات مرتفعة، وأن تصعد عائدات السندات إلى 25 في المئة”.

أنيزكا كريستوفوفا: نتوقع أن يصل سعر الدولار إلى الذروة عند 25 ليرة

وأشار المحللون، بمن فيهم أنيزكا كريستوفوفا ومايكل هاريسون، إلى أن “عند هذه المستويات، سيكون من المنطقي التحوّل إلى توقّع صعود الأصول المحلية التركية، والتنبؤ بتحقيق عوائد إجمالية إيجابية بعد ذلك”.

وتوقعوا في الوقت ذاته إجراء تعديلات على صعيد الاقتصاد الكلي خلال النصف الثاني من العام الجاري، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات.

وقال المحللون إن “في حالة الالتزام بالعودة إلى سياسات استهداف التضخم التقليدية، نتوقع أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة إلى 30 في المئة خلال الربع الثالث من 2023، من المستوى الحالي البالغ 8.5 في المئة”.

ويواجه أردوغان أصعب اختبار في مسيرته السياسية منذ أكثر من عقدين من الزمن مع خوضه أشد منافسة ضد أوسع تجمع لأحزاب المعارضة على الإطلاق.

ويتصدر منافسه الرئيسي كمال كيليجدار أوغلو، الذي وعد بالعودة إلى العقيدة الاقتصادية، معظم استطلاعات الرأي، حيث تكافح البلاد مع الاضطرابات الاقتصادية والتعافي الصعب من زلزالين مدمرين في فبراير الماضي.

وفي مطلع هذا الشهر شدد البنك المركزي اللوائح التي تمنع البنوك من الاحتفاظ بالسيولة الأجنبية في ظل تعرّض العملة المحلية للضغوط.

وعززت القرارات القواعد المعمول بها في السابق، والتي تنظم الاحتفاظ بالمزيد من المدخرات بالليرة، وهي إحدى الأدوات التي يستخدمها صانعو السياسات النقدية لتحقيق الاستقرار في العملة المحلية.

وتنص التعديلات الأخيرة على أنّه إذا لم تكن 60 في المئة من الودائع لدى البنك التجاري بالليرة التركية فسيضطر البنك إلى إيداع المزيد من السيولة الأجنبية لدى البنك المركزي.

ويعني هذا أن نسبة الاحتياطي الإلزامي للودائع بالعملات الأجنبية، وصناديق المشاركة التي تصل إلى سنة واحدة، رُفعت من 25 في المئة إلى 30 في المئة.

وتنص لائحة أخرى على أنّ البنوك ستضطر إلى شراء سبع نقاط مئوية من السندات الحكومية الإضافية المقوّمة بالليرة إذا انخفضت ودائعها عن مستوى 60 في المئة.

أوردت اللوائح المنشورة في الجريدة الرسمية للبلاد أن المركزي سيعفي المقرضين من الاحتفاظ ببعض السندات الحكومية المقومة بالليرة، إذا شكلت الودائع بالعملة التركية حوالي 60 في المئة أو أكثر من إجمالي ودائعهم.

ويقول محللون إن زيادة حصة العملة المحلية من إجمالي الودائع بالبنوك تعتبر حجر الزاوية في إستراتيجية “التحوّل لليرة” التي يسعى إليها البنك المركزي.

وكشفت بيانات الرقابة المصرفية أنّ حوالي 59.2 في المئة من إجمالي الودائع بالبنوك كانت بالليرة كما في اليوم الأخير من الشهر الماضي.

وتجددت الضغوط التي تتعرض لها الليرة خلال الأسابيع الماضية، وتتوقع البنوك الكبرى على غرار أتش.أس.بي.سي ومورغان ستانلي تراجع العملة التركية بحدّة بعد الانتخابات العامة المنتظر عقدها الشهر المقبل.

ويرى التجار أنّ نتيجة التصويت ستكون حاسمة في تشكيل اتجاه السياسات النقدية والمالية في تركيا، بعد سنوات من السياسات غير التقليدية والرقابة الحكومية المشدّدة في عهد أردوغان، التي أدت إلى هروب المستثمرين الأجانب.

وفي خضم ذلك، تتراكم المؤشرات السلبية للاقتصاد التركي مع اقتراب الانتخابات بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، وهو ما يجعل الأرقام في وضع بعيد عن الصورة التي تريد رسمها السلطات.

التقلب الضمني لدى الليرة التركية مقابل الدولار لمدة شهر واحد تضاعف في يومين إلى حوالي 32.7 في المئة

وظل رصيد الحساب الجاري في المنطقة الحمراء في فبراير الماضي، وهي نقطة ضعف رئيسية للاقتصاد حيث تحاول حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان إبقاء الليرة والتضخم تحت السيطرة قبل الانتخابات.

وذكر البنك المركزي في تقرير نشره في وقت سابق هذا الشهر أن “العجز في أوسع مقياس لتجارة السلع والخدمات بلغ بنهاية فبراير نحو 8.78 مليار دولار”، وهو ما يزيد عن توقعات الاقتصاديين.

ويقارن ذلك بعجز قياسي في يناير الماضي تم تعديله إلى 10 مليارات دولار، وهو الأكبر منذ العام 1984، وفجوة قدرها 5.3 مليار دولار في فبراير 2022.

ومع تعثر تركيا لفترة طويلة بسبب الاختلالات التجارية، يتصور أردوغان أن الاقتصاد يولد فائضا في الحساب الجاري عن طريق رفع الصادرات بفضل ضعف العملة. لكن الحرب في أوكرانيا أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة بينما لم تتمكن الصادرات من مواكبة الواردات.

وكان الدافعان الرئيسيان للعجز هما شراء الطاقة والذهب، خاصة وأن الأسر تحولت بشكل متزايد إلى السبائك لحماية نفسها من التضخم الذي ارتفع بأكثر من 85 في المئة العام الماضي.

وأظهرت بيانات المركزي أن على الرغم من تقييد تركيا لبعض واردات الذهب في أعقاب الزلزالين، بلغ صافي الواردات غير النقدية من المعدن الثمين ما يقرب من 4 مليارات دولار.

وبينما بدأت مكاسب الأسعار في التراجع، لا يزال الاقتصاديون يتوقعون أن يتجاوز التضخم في نهاية العام 40 في المئة، أو أعلى بثماني مرات من الهدف الرسمي للبنك المركزي.

وفي تغيير صارخ عن العام الماضي، يقول محللون إن رأس المال المجهول المنشأ أصبح هو الآخر عبئا على الحساب الجاري لتركيا.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.