تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السوري عبداللطيف عبدالحميد: إعجاب الجمهور هو الجائزة الأكبر لأي عمل سينمائي

مصدر الصورة
العرب

بعد مسيرة سينمائية طويلة يقدم المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد فيلما سينمائيا جديدا كتبه مع الأديب الراحل عادل محمود، وحقق به قبل فترة وجيزة حضورا لافتا على ناصية التتويج في أيام قرطاج السينمائية، حيث نال الفيلم ثلاثة جوائز. وبعد تتويجه يطلق الفيلم في أوبرا دمشق ضمن فعاليات الاحتفال بيوم وزارة الثقافة في سورية.

“انهض يا عادل محمود، انهض من غيبوبتك فلقد فزنا أيضا بجائزة أفضل سيناريو عن فيلمنا ‘الطريق’ في مهرجان قرطاج السينمائي. اسمح لي بأن أهديك هذا الفوز… انهض يا عادل أرجوك”. بأمنيته تلك خاطب مخرج فيلم “الطريق” عبداللطيف عبدالحميد صديقه وشريكه عادل محمود، وهما صاحبا تجربة إبداعية انتهت بإنجاز فيلم روائي سوري طويل، حمل اسم “الطريق”، أنتجته المؤسسة العامة للسينما في سورية.

عادل محمود الصحافي والشاعر والروائي الذي رحل قريبا كتب في روايته الأشهر “إلى الأبد ويوم”، التي فازت عام 2007 بجائزة دبي للإبداع، ما هدف إلى فتح خزائن جراح وذكريات شخوص عاشوا أجواء فوضى سياسية واجتماعية في سورية في مرحلة ماضية، حيث تتشابك مصائر الناس وتصير الصراعات والآلام سمة الحياة اليومية، تظهر فيها مكاشفات عن صراعات أيديولوجية عصفت بأصحابها بين قيم اليسار العربي ومواجهاته مع قوى مخالفة، مستعرضة براغماتية البعض الذي راح يتباهى بقدرته على القفز فوق الثوابت والمبادئ، بهدف تحقيق مكاسب غالبا ما تكون شخصية.

 

فيلم "الطريق" لا يقدم أفكارا كبيرة تتراءى في مقولات بعينها، بل يهتم برصد تفاصيل حياة يافع يعاني من التفكك الأسري

فيلم "الطريق" لا يقدم أفكارا كبيرة تتراءى في مقولات بعينها، بل يهتم برصد تفاصيل حياة يافع يعاني من التفكك الأسري

 

عادل محمود بتاريخه الصحافي العاصف بين الصحافة الثائرة الفلسطينية والصحافة في سورية وعمان، وبرصيده الشعري ثم الروائي كان صاحب خطو ملازم لمخرج الفيلم عبداللطيف عبدالحميد. سكنا في توجهات إبداعية واحدة، جعلت منهما نبضا واحدا في تجربة إبداعية واحدة عنوانها فيلم “الطريق”، الذي عاد فيه عبدالحميد إلى التوهج الريفي الذي برز فيه بسلسلة من الأفلام بدأها عام 1989 بفيلم “ليالي ابن آوى” الذي أوجد به شكلا سينمائيا مضافا إلى المشهد السينمائي في سورية.

في فيلم “الطريق” يكتب عادل ثم يتابع عبداللطيف وتكون المسافة بينهما وبين ثراء البساطة صفرا، وينتظران معا نتيجة تلك المغامرة، وتكون جائزة السيناريو في أيام قرطاج السينمائية في دورته التي انتظمت في أكتوبر الماضي، لكن القدر لم يترك له فرصة للاحتفال بجائزته، فباغته الموت وهو يصارع المرض في غيبوبة أرخت أسوار أحزانها حوله بقسوة النهايات المؤلمة، ليحتفي عبدالحميد وحيدا بفيلمه في إطلاقه بعرض دمشقي، بغياب عادل محمود جسدا وحضور طيفه. لم يمهل القدر الأديب عادل محمود الوقت لكي يفرح بجائزة السيناريو التي نالها في أيام قرطاج السينمائية، فرحل في اليوم الثاني الذي تحققت فيه.

ويؤكد عبداللطيف عبدالحميد خصوصية علاقته بعادل محمود قائلا “عادل صديق قديم أعرفه منذ وقت طويل، صداقتي معه تمتد لفترات ومسافات، هو شخص مبدع عمل في الصحافة والرواية والشعر، استهاب أمر الكتابة في السيناريو أولا عندما طلبت منه ذلك في مشروع فيلم ‘الطريق’، ورفض المهمة أولا، لكنني شجعته على أن يقوم بالمحاولة، واتفقت معه على أن يضع المادة الخام التي نريدها، ثم أعمل عليها سينمائيا بدءا من السيناريو. وهذا ما كان فعلا، فكتب الخطوط العامة والمحاور ثم تابعت. كان مزهوا بأنه شارك في كتابة سيناريو فيلم سينمائي وكان ينتظر نتائجه، لكن القدر لم يمهله لكي يصل إلى مبتغاه، فحالَ موتُه دون أن يعلم بالجائزة التي نالها في أيام قرطاج السينمائية وتحقيق حلمه”.

ما بعد قرطاج

 

ظهور طريف

ظهور طريف

 

تربط السينما السورية بأيام قرطاج السينمائية في تونس علاقة قديمة وعميقة، تعود إلى بداية سبعينات القرن العشرين عندما حققت ثلاثية “رجال تحت الشمس” من إخراج نبيل المالح ومحمد شاهين ومروان المؤذن جائزة التانيت الفضي، ثم حقق فيلم “المخدوعون” إخراج توفيق صالح جائزتي التانيت الذهبي والنقاد، ثم تتالت تتويجات السينما السورية في أيام قرطاج السينمائية لتبلغ سبع عشرة جائزة حتى عام 2013 خلال خمسين عاما من عمر المؤسسة العامة للسينما التي كانت منتجة كل هذه الأفلام.

وفي تاريخ أيام قرطاج السينمائية سلسلة من الجوائز السورية للمؤسسة العامة للسينما وسواها، منها: فيلم “كفر قاسم” للمخرج برهان علوية ونيله التانيت الذهبي وجائزة منظمة التحرير الفلسطينية، و”بقايا صور” لنبيل المالح، وفيلما “أحلام المدينة” و”الليل” للمخرج محمد ملص و”وقائع العام المقبل” لسمير ذكرى، وفيلم “نجوم النهار” لأسامة محمد، و”رؤى حالمة” للمخرجة واحة الراهب.

وكانت للمخرج عبداللطيف عبدالحميد حصة من التتويج بجوائز أيام قرطاج السينمائية من خلال فيلم “صعود المطر”؛ فقد حقق عام 1995 جائزتي أفضل إنجاز سينمائي وجائزة النقاد، ليعود بعد سنوات ويحقق في أحدث دوراته للعام الحالي ثلاث جوائز هي جائزة الجمهور والسيناريو مع عادل محمود وأحسن تمثيل لموفق الأحمد.

عن فوز فيلمه بثلاث جوائز في أيام قرطاج يبيّن عبداللطيف عبدالحميد “أيام قرطاج السينمائية من أهم المهرجانات العربية، له نكهة خاصة، كونه موجودا في بلد شعبه متذوق للسينما بشكل غير طبيعي، في تونس أستشعر بوضوح أن الجمهور يهتم بالمهرجان وأفلامه التي تعرض فيه. أنا سعيد جدا بأنني حصلت على جائزة الجمهور، وهي جائزة عزيزة على قلبي وتعادل الذهبية في رأيي، لأنني أرى أن المخرج يقدم الفيلم كي يشاهده الجمهور، وأن تأتي بمئة مشاهد للتفرج على فيلم سيكون أفضل من مئة جائزة يحققها الفيلم”.

الهوية والبيئة

 

حضور لافت للأنظار

حضور لافت 

 

لا يقدم فيلم “الطريق” الكثير من الشخصيات، ولا يقدم أفكارا كبيرة تتراءى في مقولات بعينها، بل يهتم برصد تفاصيل حياة يافع يعاني من التفكك الأسري نتيجة ظروف الحياة؛ فأمه توفيت وتزوج الأب من امرأة أخرى. ويقوم على تربيته جده لوالده، الذي يفاجأ في لحظة من اللحظات بأن حفيده مطرود من المدرسة لأن مستواه التعليمي منخفض، لكن الجد يرفض ذلك التقييم ويدأب على القيام بأي فعل لكي يثبت للآخرين أن المزيد من الاهتمام بشبابنا ومراعاة ظروفهم سيجعلان منهم أناسا ناجحين.

وتبرز في الفيلم شخصيات نادرة، لا تظهر كثيرا في الحياة المدنية اليومية؛ فهناك الشاعر الهائم والمريض المتسكع والزوجة الشرسة والمدرسون الجادون المؤمنون بقضية الجد، وهناك أيضا ظهور طريف لمجموعة من الغاضبين يتوجهون إلى العراك، ونراهم عائدين مثخنين بالجراح، ليقرروا مجددا التعبير عن غضبهم ويدخلوا في عراك آخر تكون نتيجته هزيمة جديدة.

فكان “الطريق” فيلما يحكي بلغة ريفية بسيطة تفاصيل حياتية حارة وكامنة.

والفيلم الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما قام بالتمثيل فيه: موفق الأحمد وغيث ضاهر ومأمون الخطيب ومحمد شمّا وأحمد كنعان ورباب مرهج ورند عباس وتماضر غانم وماجد عيسى ونبراس ملحم وعدنان عربيني وراما الزين وعلاء زهر الدين وهاشم غزال وخالد رزق.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.