تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مؤامرة الصاروخ الطائش

مصدر الصورة
عن الانترنيت

مفتاح شعيب

رفع حادث انفجار صاروخ طائش في بولندا مؤشر التوتر لساعات بين روسيا والغرب، بعدما سارعت أوكرانيا وبعض الدول الصغرى في حلف «الناتو» إلى تسخين الأجواء، وشن حملة إعلامية شرسة ضد موسكو، في محاولة للاقتصاص من خصم قديم، ودفع الوضع إلى أعلى درجة من التصعيد، لكن القوى الكبرى في الحلف، وأولها الولايات المتحدة، ارتأت التريث، وضبط النفس، حتى تم الاعتراف بأن هذا الصاروخ الطائش كان أوكرانياً، في انتظار استكمال التحقيقات.

 في أول الأمر، حاولت أصوات أنصار التصعيد أن تشوش على دعوات التأني، في تأكيد أن هناك نية مضمرة تصل إلى المؤامرة، لاستثمار هذا الحادث، لممارسة ضغط أكبر على روسيا، التي نفت منذ الوهلة الأولى علاقتها بالحادث، وأنها لو أرادت أن تقصف شيئاً فلن تستهدف جراراً زراعياً في حقل بولندي على مقربة من الحدود الأوكرانية، ولم تشأ وزارة الدفاع الروسية أن تسرف في التوضيح أو التبرؤ، إلا أن مسؤولين في موسكو توعدوا الأطراف التي تحاول أن تزج العالم في صراع واسع النطاق، سيدفع الجميع ثمنه مضاعفاً، وخاصة دول أوروبا الشرقية التي ما زالت تخشى القوة الروسية، وتود أن تردعها بأي طريقة كانت.

 الولايات المتحدة، التي تحمي بقواتها أغلب الدول الأوروبية، كانت متوازنة، ولم تشأ أن تخاطر بأي تصعيد عسكري أو دبلوماسي، لأنها أقدر من غيرها على معرفة حيثيات ما حدث حتى من دون إجراء تحقيق. كما أن الاتصالات بين الأجهزة العسكرية الأمريكية والروسية لم تنقطع. وعلى الرغم من التوتر الظاهر والمخاوف من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، يتواصل كبار المسؤولين العسكريين، ويحرصون، في كل مناسبة، على تجديد الالتزام بالخطوط الحمراء. وربما هذا ما يفسر تجاوز هذا الحادث، وإحباط المساعي المشبوهة، لتصعيد واسع بين الشرق والغرب، وهو أمر محمود يحسب للعقلاء، ولا عزاء للمجانين.

 إذا ما كانت هناك بعض حكمة باقية في هذا الصراع، فإن اللحظة الحالية مواتية ليعلو فيها صوت الدبلوماسية على قعقعة الأسلحة وهدير الطائرات وأزيز الصواريخ، ومن دون توجه إلى عقد مفاوضات غربية سريعة مع روسيا، فإن هذه الحرب لن تنتهي في المدى القريب، ولن تتوج بنصر عسكري أوكراني. كما لن تقبل روسيا أن تلحق بها هزيمة في هذه المعركة بالذات. وإذا استمر هذا الوضع في مداه المتصاعد، ستتسع الكارثة، وتستمر التكاليف والمخاطر في الارتفاع، وستقترب لحظة الصدام المباشر بين روسيا وحلف «الناتو»، وعندها لن يكون للحديث عن الدبلوماسية أي فائدة، بعدما تكون فرصها قد فاتت ودخل العالم في المرحلة الأسوأ، مما سبق من حروب وصراعات.

 عكست بعض وسائل التواصل في أوروبا الشرقية، خلال الساعات الماضية، كوابيس اندلاع حرب كبرى، وعادت إلى الذاكرة صور من مآسي الحرب العالمية الثانية، وما تضمنته من ملايين القتلى ودمار مهول وصدمة كبيرة، أصابت الحضارة الإنسانية. وحتى تتجنب الأجيال الحالية ما عاناه الأجداد، ينبغي تفادي أي تصعيد غير محسوب، فالعاقبة لن تكون في مصلحة أحد، وخصوصاً من يمسكون بمشاعل النيران، ويحاولون تأجيج حرب كبرى بين روسيا والقوى الغربية مجتمعة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.