تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مسؤولون أميركيون: التحالف بين أميركا وأوروبا معرّض للانهيار

مصدر الصورة
وكالات

واقع دولي جديد تشوبه "العولمة المتصدّعة".

أوروبا وأميركا تكتّمتا على مشكلات قائمة بينهما

حذّر مسؤولون أميركيون بارزون من أن التحالف الأمني القوي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في معارضة الغزو الروسي لأوكرانيا، بات يعدّ قاصرا في ما يتعلق بتحدٍّ وجودي آخر، وهو مواجهة الرأسمالية السلطوية التي تمثّلها الصين والاستقطاب القوي الذي تمارسه في أنحاء العالم، ما يعكس حاجة العالم إلى تحالف أوسع للحفاظ على السلم العالمي.

واشنطن - تبرز المشاحنات الملموسة في الآونة الأخيرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حول قضايا تتراوح ما بين التجارة الرقمية والسياسة الصناعية، كتهديد حقيقي ينذر بتفكيك تحالف قائم منذ أكثر من 75 عاما من القيادة المشتركة في مجال التجارة العالمية.

ويقول السفير الأميركي روفوس يركسا، النائب السابق لمدير عام منظمة التجارة العالمية وكيلي ميمان هوك، وهي شريك إداري في شركة الاستشارت الدولية الأميركية مكلارتي أسوشيتس، في تقرير نشرته مجلة ”ناشونال إنتريست“ الأميركية، إن سبب أهمية هذا الأمر يرجع إلى أن مواجهة العدوان الكامنة في النموذج الاقتصادي الذي تقوده الصين، حيوي تماما، مثل مواجهة التحديات العسكرية، وقد يكون التهديد أقل خطورة، ولكن مع مرور الوقت يُعتبر تهديدا غادرا، وقد يؤدي إلى فقدان الركائز الأساسية للمجتمعات الحرة الأميركية والأوروبية، إذ أن نجاح الصين في نشرها قوة واسعة النطاق للسيطرة على أسواق العالم، يمثل تحديا أمنيا وجوديا.

أضعف صعود نجم الصين الدعم للتجارة الحرة، التي تتذبذب بالفعل، في كل من أوروبا والولايات المتحدة، خاصة إذا أضيفت إلى ذلك اضطرابات جائحة كورونا، وقيود سلاسل الإمداد، والحرب الروسية الآن. ونتيجة لذلك تحول تركيز السياسة إلى الداخل.

فالانسحاب من الأسواق العالمية وتركيز الآمال على الاكتفاء الذاتي سيكونان خطأ جسيما، فما زالت التجارة العالمية تتنامى وتشهد القطاعات الإستراتيجية حالة عولمة. وتجاهل هذه الحقيقة وعدم مواءمة المصالح الأميركية والأوروبية رهان خطير للغاية. فأميركا وأوروبا في حاجة إلى تعزيز القوة الاقتصادية في الداخل والاحتفاظ بتفوق رئيسي في مجال الابتكار، ولكن ليس على حساب التخلي عن معركة الاحتفاظ بالمكاسب المشتركة.

وفي تلك المعركة، تعتبر قوة التحالفات الإستراتيجية حاسمة. فالكل يعيش الآن في واقع جديد من ”العولمة المتصدعة”، حيث ما زالت السياسات التجارية تمثل أهمية لكنها تتم في مناطق نفوذ تم إعادة تنظيمها وتتسم بأنماط متغيرة من التجارة والاستثمار.

وأوضح يركسا وهوك أن تعددية الأطراف ما زالت قائمة ولكن التكتلات المتنافسة هي التي تشكلها أكثر من الممارسات متعددة الأطراف البحتة. وعلى هذا الأساس تكون السيادة للتحالفات الإقليمية والاختيارية.

من جهة أخرى تحتاج أوروبا والولايات المتحدة إلى تحالفات متنوعة في أنحاء العالم. ولكن لأسباب تاريخية وتجارية يجب أن يكون الرباط عبر الأطلسي هو حجر الزاوية الذي لا غنى عنه بالنسبة إليهما، فهو أيضا الوحيد القادر على القيام بدور الحاجز المعياري لديمقراطية السوق في عالم يعاد تنظيمه.

وكما قال مفوض الاتحاد الأوروبي للتجارة فالديس دومبروفسكيس في واشنطن الشهر الماضي إنه من ”المهم للغاية أن يظل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في حالة توافق في ظل مواجهة تحديات عالمية متشابكة”.

وينبغي لأوروبا والولايات المتحدة عدم اعتبار مستوى التحول الديمقراطي في أيّ دولة اختبارا وحيدا لإقامة علاقات تجارية معها، على الرغم من أن اعتماد أوروبا المفرط على روسيا للحصول على الطاقة درس صعب للجميع. وفي الوقت نفسه، فإنه عندما تغفل الولايات المتحدة وأوروبا عن أهمية تحالفهما، بما في ذلك في المجال الاقتصادي، تبتهج النظم السلطوية.

وكشف يركسا وهوك أن أوروبا وأميركا شجعتا تلك الأنظمة على التمتع ببعض الابتهاج بالنسبة إلى هذا الأمر. فقد تم إخفاء بعض المشكلات الثنائية القائمة منذ وقت طويل، لكن الخطوات الأخيرة لتوحيد الصفوف لم تحقق التوافق الإستراتيجي الحقيقي. والأسوأ من ذلك هو أن الطرفين يتبنّيان سياسات تدفع بدرجة أكبر إلى حدوث نزاع تجاري. فإلقاء لمحة على اندفاع الاتحاد الأوروبي من أجل ”السيادة الرقمية” أو القيود على الواردات الزراعية، ناهيك عن سياسة الولايات المتحدة الخاصة بالرقائق، أو مخططها لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، يجعل المرء يتساءل إذا كان أيّ من الطرفين يدرك الأهمية الوجودية لهذه اللحظة في التاريخ، التي تتطلب المزيد من الإدراك.

ويرى يركسا وهوك أن هذه الديناميكية تقوّض القدرة التنافسية الأوروبية الأميركية، وتبدد الآمال للتوصل إلى أجندة أمنية اقتصادية مشتركة. لذلك تتعين الاستعانة بآليات مثل مجموعة السبع ومجلس التجارة والتكنولوجيا الأميركي - الأوروبي للعدول عمّا يحدث. ومن أجل النجاح، يتعين استيعاب أخطار الخلاف حول متطلبات المحتوى المحلي ونظم البيانات بينما تحترق روما.

يحتاج اختيار أميركا وأوروبا العمل الاستباقي لعدم الإضرار بالمصالح الاقتصادية لكل منهما بالأخرى، إحساسا بالإلحاحية ودفعة سياسية من جانب المستويات العليا.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لأن تكون الأجندة أكبر وأكثر شجاعة، وإلى التخلص من التمييز وتبنى الوحدة عبر الأطلسي مع السعي لجعل سلاسل الإمداد أكثر مرونة ومواجهة الضغوط الاقتصادية.

ومن خلال سدّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الفجوات في رؤاهما المتعلقة بالنظام الجيواقتصادي المستقبلي، وعدم المساس بشركات كل منهما للأخرى، يمكنهما عبور هذه الفترة من تنافس القوى الكبرى. وقد حان الوقت لأن تظهر أوروبا والولايات المتحدة للعالم بوضوح تام أنهما متوافقتان. ولا يمكن تصور بديل لذلك، فمعا فقط تستطيع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مواجهة التهديدات الجيوسياسية الحالية، ومعا فقط، إلى جانب حلفاء مثل اليابان وكوريا، وغيرهما، تستطيعان صياغة القواعد المستقبلية للتجارة متعددة الاطراف.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.