تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الاقتصاد الروسي يجتاز صدمة ضغوط الحظر الغربي

مصدر الصورة
وكالات

التضخم آخذ في التراجع فيما باتت كل الوظائف مشغولة، الأمر الذي يتعارض مع تنبؤات العديد من الخبراء الماليين بحدوث كارثة.
خالفت المؤشرات الأولية للاقتصاد الروسي توقعات المحللين بشأن تأثيرات العقوبات الغربية على موسكو جراء الحرب في أوكرانيا بعدما أمضى صناع القرار السياسي والنقدي بالبلاد ستة أشهر في بناء جدار صد مالي منيع ولم يتركوا أي شيء للصدفة.
موسكو - يُظهر الاقتصاد الروسي صمودا مفاجئا بعدما سجلت مؤشرات البطالة والتضخم وتقديرات الانكماش أقل من التوقعات بفضل إيرادات الطاقة، على الرغم من القيود الغربية المشددة، لكنّ التحدّيات التي تتعيّن مواجهتها على الأمد الطويل تبقى كثيرة.
وتقول موسكو إن التضخم آخذ في التراجع فيما باتت كل الوظائف مشغولة، الأمر الذي يتعارض مع تنبؤات العديد من الخبراء الماليين بحدوث كارثة.
ومنذ الأسابيع الأولى لاندلاع الحرب في أواخر فبراير الماضي، التقت آراء وتحليلات الخبراء حول نقطة مفادها أنه من غير المرجح على المدى الطويل أن يتحمل اقتصاد روسيا هجمة العقوبات المنسقة من الغرب.
وقدّم صندوق النقد الدولي الثلاثاء الماضي البعض من الدعم لوجهة نظر روسيا، مشيرا إلى أنّ الركود سيكون أقلّ حدة ممّا كان متوقعا بسبب صادرات النفط والطلب المحلّي المستقر نسبياً.
وتوقّع الصندوق أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 3.4 في المئة فقط على مدار العام بأكمله، وهو بعيد كلّ البعد عن التوقّعات الدولية الكارثية في مارس الماضي، عقب التدخّل العسكري في أوكرانيا.
وأشارت المؤسسة الدولية المانحة في تقرير لها حول الاقتصاد في روسيا، التي تقود الدول النفطية من خارج منظمة أوبك في تحالف أوبك+، إلى “صمود صادرات النفط الخام والطلب المحلي مع دعم متزايد للسياسات المالية والنقدية واستعادة الثقة بالنظام المالي”.
وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد أكد في سبتمبر الماضي أمام صنّاع القرار الاقتصادي الروس “تطبيع الوضع”، معتبرا أنّ “ذروة” الصعوبات أصبحت من “الماضي”.
وبحسب بوتين، ينعكس ذلك خصوصاً من خلال “معدّل بطالة عند أدنى مستوياته”، أي عند 3.8 في المئة، و”انخفاض التضخّم” إلى 13.7 في المئة خلال عام واحد، بعد تحطيم الأرقام القياسية في الربيع الماضي عقب أول دفعة من العقوبات الدولية.
وأمطرت الولايات المتحدة وأوروبا روسيا بسيل من القرارات الرادعة بعد أن أرسل بوتين دبابات إلى أوكرانيا، ما أضاف إلى العقوبات التي تم التعهد بها بالفعل ردا على قراره الاعتراف باستقلال مقاطعتين أوكرانيتين انفصاليتين في ذلك الوقت.
وتقول إلينا ريباكوفا، نائبة كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، لوكالة الصحافة الفرنسية “يمكننا القول إن تأثير العقوبات الأولى قد مرّ، ولاسيما الآثار التي طالت القطاع المالي”.
وأكدت أن روسيا التي أمضت سبع سنوات في بناء دفاعات مالية هائلة “نجحت في الاستعداد والتأقلم مع العقوبات”.
وأدى التباعد الدبلوماسي والاقتصادي مع الغرب إلى تسريع التقارب مع الصين، جارة روسيا، التي تستهلك الكثير من الطاقة وتشترك معها في حدود تزيد عن 4 آلاف كيلومتر.
وتقول نتاليا زوباريفيتش، الخبيرة الاقتصادية في جامعة موسكو الحكومية، لوكالة الصحافة الفرنسية إنه في مواجهة سوق أوروبية بعيدة المنال عمليا “تضطرّ الشركات إلى إيجاد بدائل في أسواق أخرى، وخاصة منها آسيا وتركيا”.
وأعلنت موسكو وبكين بالفعل عن رغبتهما في وضع عقود الغاز بينهما بالروبل واليوان، الأمر الذي يعدّ انتصارا لروسيا عبر “إزالة الدولار” من اقتصادها.
عقوبات لم تؤت أكلها.. عملتنا مستقرة 
وفضلا عن ذلك أشادت موسكو بإعلان تحالف أوبك+ الأسبوع الماضي أنه سيخفض إنتاجه النفطي بشكل حاد إلى قرابة مليوني برميل بداية من نوفمبر المقبل، مما أثار استياء الولايات المتحدة. ويتوقع أن تجني روسيا مكاسب إبقاء الأسعار مرتفعة لفترة أطول.
وقال بوتين خلال افتتاح منتدى للطاقة في روسيا الأربعاء إن بلاده “تعتزم إبقاء معدلات إنتاج وصادرات النفط عند المستويات الحالية حتى عام 2025”.
وأكد أن روسيا لن تتخلى عن مكانتها الرائدة عالميا في سوق الطاقة العالمية رغم العقوبات الغربية.
ويأتي كل ذلك فيما أدت الصعوبات التي واجهها الأوروبيون ومجموعة الدول السبع، في سعيهم لتحديد سعر النفط الروسي، إلى تذليل العقبات التي قد يواجهها الاقتصاد الروسي.
لكن من الناحية الهيكلية سيجد الاقتصاد الروسي نفسه أكثر اعتمادا على مكاسب الطاقة المفاجئة، في حين أنّ القطاعات ذات القيمة المضافة العالية ستواجه المزيد من التراجع.
ومن المرجّح أن تؤدّي العزلة المتزايدة إلى إثقال كاهل الذين يعتمدون على الدول الأجنبية من الناحية التكنولوجية، لاسيما أنّ الوعود باعتماد المنتجات الروسية البديلة لا تزال محصورة في المستوى النظري.
ويأتي ذلك فيما تواجه روسيا نقصا في الأجزاء اللازمة للتجميع أصاب إنتاج السيارات؛ ففي منتصف سبتمبر الماضي مثلاً، أغلقت شركة تويوتا اليابانية مصنع التجميع الخاص بها في سانت بطرسبرغ شمال غرب البلاد، بسبب نقص المكوّنات الإلكترونية.
وتقدّر ريباكوفا أنّ “حوالي 50 في المئة من الشركات المتضرّرة من العقوبات لا تزال تجد صعوبة في العثور على مورّدين بدلاء”.
ونتيجة لذلك قرّرت روسيا تخفيف معايير السلامة والمعايير البيئية للمركبات المنتجة في البلاد.
لكن في وثيقة عمل صادرة عن وزارة الصناعة والتجارة الروسية، تسرّب مضمونها إلى الصحافة المحلية، أعرب المسؤولون أخيراً عن انزعاجهم من التأخّر بـ”10 إلى 15 عاماً” في صناعة التكنولوجيا الروسية، ومن “الاعتماد” على الإنتاج الأجنبي والنقص في العمالة.
ويبقى هناك مصدر قلق آخر يتمثّل في الحظر الأوروبي على النفط الروسي المقرّر في الخامس من ديسمبر المقبل، والذي يسبق الحظر المقرّر على المنتجات المكرّرة في فبراير 2023، في الوقت الذي يعتمد فيه الاقتصاد الروسي بشكل خاص على الوقود.
ووفق بيانات وزارة المالية الروسية، فإن أكثر من 40 في المئة من إيرادات البلاد خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري كانت من بيع النفط والغاز.
 

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.