تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أوبزيرفر: جونسون يمثل ضررا على البلاد واستقالته ليست كافية بل ويجب معاقبة الحزب على حكمه الكارثي

مصدر الصورة
عن الانترنيت

 خصصت صحيفة “أوبزيرفر” افتتاحيتها الرئيسية للأزمة الحكومية في بريطانيا وفضائح رئيس وزرائها بوريس جونسون من خرق قيود الإغلاق والبلاد كلها ملتزمة بالتعليمات إلى الاحتفال عشية دفن زوج الملكة إليزابيث. وقالت إن جونسون الذي أشارت استطلاعات لتراجع شعبيته لأدنى من رئيسة الوزراء التي سبقته تيريزا ماي، بات يضر بالبلاد وعارا على حزبه.

وقالت إن جونسون أبلغ مجلس العموم قبل شهر أنه يتعاطف مع غضب البلاد من لقطات الفيديو التي أظهرت طاقمه في 10 داونينغ ستريت وهم يتمازحون ويضحكون حول حفلات أعياد الميلاد، في تجاهل تام لمشاعر الناس. و”أقنعنا جونسون أن ثقافة الإفلات من المسؤولية وقلة الاحترام للقواعد في قلب الحكومة لا علاقة لها مطلقا ببوريس جونسون وأنه صدم من النفاق تماما مثلنا”. وتعلق أن عدم معرفة رئيس الوزراء بالحفلات التي تجري في مكتبه الذي يعتبر جزءا من المجمع الذي يقيم فيه، كانت فكرة سخيفة.

وكشف في الأسبوع الماضي عن المدى الذي يمكن أن يمضي فيه رئيس الوزراء لكي يلقي طاقمه تحت الحافلة من أجل تجنب المساءلة وتحمل المسؤولية عن أسوأ نفاق سياسي تم فضحه. فقد تم الكشف عن الفضيحة بعد الأخرى منذ بداية العام الحالي، فقد كان يعرف تفاهة ما قدمه للنواب.

وبات الرأي العام يعرف أنه قام بإلقاء خطاب بمناسبة اجتماعية في أيار/ مايو قدم فيه الطعام والشراب لتجمع من موظفي مقر حكومته، في نفس اليوم الذي حذر فيه الوزراء الرأي العام من التجمع وأنه يسمح للعائلة باستقبال شخص واحد. ولم يقم طاقمه بعقد حفل صاخب بل واثنين وخلفوا وراءهم الأشياء التي خربت الحديقة وعشية دفن الأمير فيليب، زوج الملكة. وأن فريق 10 دوانينيغ ستريت كانوا يعقدون حفلات ليلة كل جمعة حيث كان جونسون يمر عليها، ويمنحها ختم الموافقة الوزارية.

وتقول الصحيفة إنها طالما حملت فكرة عن جونسون بأنه رجل تنقصه “النزاهة”، لكن من الصعب الشعور بالصدمة للازدراء الذي حمله لمجلس العموم والرأي العام. و”تخيل النتائج لو ضلل المحكمة وتحت القسم”، وبالنسبة له فهذه هي الطريقة التي يتعامل فيها مع المجلس والطريقة التي يتعامل فيها مع كل ملامح حياته الشخصية.

ومن الواضح أن قواعد كوفيد هي اختيارية وليست ملزمة لكل واحد ولكنها لا تقف عند باب 10 داونينغ ستريت فقط. فقد شهدت مقرات الوزارات الأخرى حفلات وتجمعات شراب وداعية. والجميع يعرف وبدون شك مصدر هذه الثقافة، فقد جاءت من القمة ومن رئيس الوزراء.

ومن المثير للدهشة أن الذين كتبوا قواعد الإغلاق تلاعبوا بها في وقت التزم بها الجميع بمن فيهم الملكة وحتى وهي تودع زوجها الميت. ومن لم يلتزم بها فرضت الحكومة عليهم غرامات باهظة، حتى من كانت لديهم مبررات تثير التعاطف أكثر من طاقم العاملين في مقر رئيس الوزراء. فقد فرض على مراهق غرامة كبيرة لمجرد أنه نظم تجمع لإطلاق البالونات في ذكرى صديقه الميت وكان عليه الذهاب إلى المحكمة لرفع الغرامة وهي 10.000 جنيه استرليني وأصدرتها بالخطأ شرطة مدينة درهام.

ولم يمض سوى أسبوعين على العام الجديد حيث باتت سلطة جونسون ممزقة. ولا يمكنه البقاء في منصبه. ولكن حزب المحافظين لا يمكنهم تنظيف ما سيخلفه عبر انتخاب زعيم جديد. وتعلق الصحيفة أن كل شي عن رئاسة وزراء جونسون المروعة كان متوقعا، فهي انعكاس للرجل الذي كان معروفا قبل انتخابه، فقد طرد من عمله الصحافي في الثمانينات عندما قام بفبركة معلومات في تقرير صحافي، كما وطرد من المقاعد الأمامية لحزب المحافظين في بداية القرن الحالي لأنه كذب عن علاقاته العاطفية.

وكرئيس لحملة الخروج من الاتحاد الأوروبي فقد كان متواطئا في المزاعم الكاذبة وهو أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيحرر الصحة الوطنية من أعباء النفقات بـ350 مليون جنيه استرليني. وكشف مكتب الإحصائيات أنه لم يستخدم الأرقام الحقيقية. وكذب قائلا إن التصويت للبقاء في الاتحاد الأوروبي هو تصويت البقاء للمشاركة في حدود مع سورية والعراق.

وكعمدة لمدينة لندن، فشل في الكشف عن تضارب المصالح، بما في ذلك علاقته مع جنيفر أكوري، التي حصلت شركتها على آلاف الجنيهات من المال العام. وكان من الواضح أي نوع من المسؤولين سيكون جونسون. ولا أحد يمكنه الجدال بوجود مسؤول في حزب المحافظين أقل مناسبة يصلح لحكم بريطانيا. ومع ذلك قام الحزب بتتويجه زعيما للحزب عام 2019. وكان انتخابه مناسبا للحزب لأنه لم يكن مهتما بحالة الوحدة في بريطانيا وقرر تبني نهجا صعبا في التعامل مع البريكسيت. واستطاع خداع الرأي العام، نظرا لعدم اهتمامه بالحقيقة والفوز بالانتخابات العامة، وبنفس الطريقة التي حقق فيها الفوز في استفتاء الخروج من أوروبا “رئيس وزراء عقيم، فاسد ومتعفن كانت المقايضة التي استعدوا تقديمها وهو الثمن الذي كانوا مستعدين لفرضه على كل البلاد”.

وتساءلت الصحيفة عن الثمن الذي دفعته بريطانيا؟ مجيبة أن الحكومة حاولت استخدام كوفيد-19 وعمليات التطعيم كوسيلة لحرف انتباه الرأي العام عن الأزمة السياسية التي وجدت نفسها فيها. صحيح أن بريطانيا قادت عمليات التطعيم بطريقة ناجحة وأفضل من الحكومات الأخرى، وأن الحكومة وتحديدا كيت بنغام التي قادت قوة المهام الخاصة واستثمرت باللقاحات، ويحب رد الفضل إليها، إلا أن سجل الحكومة يظل قاتما، فقد فشل جونسون المرة بعد الأخرى وخلال الـ15 شهرا للتعلم من أخطائه السابقة وتحرك متأخرا لفرض القيود، مما أدى لوفيات لم يكن لها أي داع ومصاعب اقتصادية.

وأهم من هذا الطريقة التي تبنتها الحكومة للتعليم، فهي لم تفعل الكثير لتخفيف آثار الوباء على الأطفال. وبالنسبة للبريكسيت، فقد انتهى جونسون بتبني خيار البريكسيت الصعب، كما دعا الأيديولوجيون من حزبه. ولكن بثمن اقتصادي فادح وطويل الأمد. فهذا القرار سيضغط على النمو الاقتصادي في بريطانيا ويعرض الاتحاد للخطر وهو ما لا يمكن قياسه بالقرش والتعريفة. وقد يقود إلى تفكك المملكة المتحدة في العقود المقبلة. ومن سيهتم لو دعم دعاة البريكسيت قضية استقلال اسكتلندا؟ وبدا عدم احترام جونسون للاتحاد من تجاهله مشكلة أيرلندا الجزيرة وبحر أيرلندا وكيفية فرض التعرفة الجمركية وحرية الحركة بينها والاتحاد الأوروبي، وهذا الموقف لا يقتصر على جونسون بل ووزراء مثل جاكوب ريز موغ والحزب المحافظ في استكلندا الذين يعطون المبرر لدعاة الاستقلال هناك.

أما الملمح الثالث لفشله فهو مع العائلات البريطانية التي تعاني جراء سياساته، فهو لم يعد بإكمال خروج بريطانيا من أوروبا بل وتحسين مستويات المعيشة، وهو خطاب فارغ. فقد واصل وزير الخزانة ريشي سوناك نفس النهج الذي سار عليه أسلافه منذ عام 2010، بما في ذلك قطع المنافع وهو الأكبر والائتمان الضريبي والذي أدى لخسارة العائلات آلاف الجنيهات من دخلها. ووجد اللاجئون الهاربون من الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان من بلادهم أنفسهم في مرمى الحرب الثقافية لوزيرة الداخلية بريتي باتيل.

ولن تؤدي الفضائح حول نفاق الحزب الحاكم ورئيس الوزراء بسبب التلاعب في قيود كوفيد إلى ضرر للحزب فقط، بل وستدمر الثقة العامة بالساسة والعملية الديمقراطية  ومؤسساتها. وتسخر من حكم القانون عندما تتم معاقبة المواطن العادي على مخالفات بسيطة في وقت يتجنب فيه الوزراء وعمال الخدمة المدنية والمساعدين نتائج مخالفاتهم.

وترى الصحيفة أن استمرار جونسون في رئاسة الوزراء يعني زيادة الضرر كل يوم. فقد بات تهمة انتخابية وليس رصيدا، وهذا يعني خسارة الحزب الحكومة. لكن خروج جونسون لن يحل أزمة بريطانيا فاختيار رئيس الوزراء سيقع على كاهل نواب حزب المحافظين وأعضائه. فالخليفة لجونسون سيكون من بين المتواطئين في السجل القاتم للحزب.

والطريقة الوحيدة هي حزب عمال متجدد، مع أن كير ستارمر، بدا أقوى من ذي قبل خلال الأزمة، ولكن الحزب لا يزال أمامه طريق طويل لمعالجة السبب الذي أدى لخسارته انتخابات 2019. ويظل رئيس الوزراء بوريس جونسون نتاجا لحزب المحافظين المعاصر، فقد دفع المحافظون بهذا المهرج إلى 10 داونينغ ستريت لأنه كان يخدم مصالحه الضيقة وبدون اعتبار لما سيتركه من آثار على البلد. ومن المثير قلة ندم من انتخبوه، واستقالة جونسون ليست كافية بل ويجب محاسبة الحزب على رئاسة الوزراء الكارثية التي قادها.

مصدر الخبر
القدس العربي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.