تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يعود إردوغان بالقطار الذي جاء به..؟!!

مصدر الصورة
وكالات- أرشيف

لا حاجة لأن تكون خصماً للرئيس التركي رجب طيب إردوغان لتكره أفعاله وتصرفاته وتكتشف التواءات سياساته وتقلباته، وحتى نفاقه إنْ شئت؛ فذلك ما يعرفه العالم أجمع ويقرّ به الساسة والمحللون والكتّاب وحتى الموالون، لدرجة يشكّ فيها الجميع بذلك الرجل، ويخمّنون ويتساءلون: هل هو صديق أم عدو؟ وإذا جاز وتمّ اعتباره صديقاً، فإنّ السؤال التالي فوراً هو، متى سينقلب على صداقته؟ إردوغان رجل اللعب على الحبال والبحث عن المصالح؛ ولكن أية مصالح؟ إنها السياسات التي تحقق مصالحه الشخصية وطموحاته الفردية ولو كانت على حساب الجميع، بمن فيهم تركيا. أما الأدوات، فهي تسخير كل ما هو ممكن في الداخل والخارج للوصول إلى ذلك. كثيرون يعتبرون ذلك "دهاء" و"سياسة"، ولكن السؤال المهم هو عن المحصلة، عن النتائج، عن المستقبل؛ ليس مستقبل الرجل المريض بنفسه، ولا مستقبل الإردوغانية، بل مستقبل تركيا: الشعب والأمة والدولة التي أنهكها إردوغان؟!    

كل الحروب الكبيرة والجرائم الدولية تبدأ بوعود براقة وآمال كبيرة وتُخاض تحت شعارات تاريخية، ولكن عندما نأتي إلى السؤال عن النتائج، تكون غالباً في مكان آخر، مختلف تماماً عما تم الحديث عنه والوعد به، وهكذا كان إردوغان وهكذا أصبح؛ هل تذكرون الفورة الاقتصادية التي أحدثها الرجل في بداية عهده والتي جذبت الناخبين البسطاء والمتشبثين بأي "أمل" يحقق أحلامهم بالعيش الكريم؟ هل تذكرون حديث "الشيخ الواعظ" إردوغان عن نظافة الكف، ثم اكتشاف الأملاك والشركات والثروات التي تعود له ولعائلته وحاشيته؟ هل تذكرون شعار "صفر مشاكل" مع الجيران؟ أين تركيا الإردوغانية منه الآن؟ إنه غيض من فيض، والخاسر بالطبع هي: تركيا.

يتدهور الاقتصاد التركي باضطراد وتتراجع قيمة الليرة التركية وقد وصلت قاعاً غير مسبوق وخسرت 40% من قيمتها، وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وقلّت الأموال في جيوب الناس وانتشر الجوع والفقر، وازدادت البطالة بين الشباب وغاب الأمل بالمستقبل وبدأت المظاهرات ضد هذا الواقع الأسود والذي يزداد سواداً كل يوم، فيما يهرب المستثمرون، بينما تزداد المشاكل وتحيط بالدولة التركية من كل صوب، وجميع الجيران بدون استثناء يخشون هذا الجار ولا يأمنون جانبه وسياساته وغدره.

والحقيقة أنّ مشاكل تركيا بدأت فعلياً مع الانقلاب الإردوغاني ضد سورية بداية عام 2011. في ذلك العام بدأ إردوغان يمارس سياساته الحقيقية عندما أعلن الحرب على سورية التي كان قبل أشهر فقط، يعتبرها الأخ والشريك والصديق، ثم فجأة صارت العدو ويجب تدميرها وإرسال المسلحين والمجرمين والقتلة إليها. منذ ذلك التاريخ وتركيا تتراجع. الحرب على سورية كشفت حقيقة الزيف الإردوغاني والسياسات الإردوغانية؛ سورية دفعت وتدفع ثمن علاقاتها السابقة مع إردوغان، ولكن تركيا تدفع وستدفع المزيد بسبب خيانتها لصداقتها، وبسبب نفاق إردوغان وتقلباته أولاً.

الرئيس التركي "تفرعن" لأنه لم يجد من يوقفه عند حدّه، ولاسيما في الداخل التركي. لقد خدمت المعارضة التركية المفككة بقاء إردوغان في السلطة كثيراً وطويلاً، ولو كان لدى المعارضة قائد متميز لوضع حداً لتسلط إردوغان وتجبّره و لم يكن  ليبقى في الحكم طوال هذه المدّة. ولكن الواقع الاقتصادي المرير المتدهور هو ما سيدفع الشعب التركي لحمل لواء التغيير مهما كانت عصا إردوغان غليظة وطويلة. أما في الخارج، فيبدو أنّ دور هذا "العثماني القديم" قد بدأ يفقد بريقه وربما شارف على الانتهاء.

كلما تأخر إردوغان في السلطة، كلما ازداد فساداً وتجبراً، وكلما خسرت تركيا أكثر فأكثر. ويبدو أنّ الرئيس التركي يأبى أن يرحل حتى يمتص كل ما في جيوب الأتراك وكل مدخراتهم، وعندها ستكون نهايته وخيمة، ولكنّ ذلك يشكّل خطراً كبيراً على استقرار ومستقبل تركيا والشعب التركي. ربما يستطيع الكثيرون من الأتراك تحمّل إغلاق الصحف والتلفزيونات المعارضة وعدم إبداء الرأي، ولكن الناس لا تستطيع تحمّل طردها من وظائفها وخسارة مداخيلها وفقدان قدرتها على كسب قوتها ولقمة عيشها، ثم امتصاص مدخراتها وضياع مستقبلها؛ إردوغان يسلب الأتراك لقمة عيشهم وأحلامهم ويحطّم مستقبلهم، وهذا لن يكون سهلاً عليهم قبوله وتقبله، وقد تكون العاقبة في الانتخابات القادمة وربما قبلها. تعوّد إردوغان الالتفاف والتحايل وقد نجا أكثر من مرّة، ولكن الوضع مختلف جداً هذه المرّة. وقد قيل قديماً: من يضحك أخيراً يضحك كثيراً..؟!!

                                                بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.