تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: من أولبرايت إلى ترامب

مصدر الصورة
عن الانترنيت

من المؤكد أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يقرأ شيئاً عن «النمرود» أول جبار في الأرض، ولم يسمع عنه أيضاً، لكن هناك بعض التشابه بينهما في الاستخفاف بحياة الناس، من خلال سن القوانين الجائرة والظالمة التي لا تُقيم وزناً لحق الإنسان في الحياة، طالما أن هذه القوانين تلبي غريزة القهر والقوة عنده.

لعل «قانون قيصر» الذي فرضه على سورية عام 2020 يمثل واحداً من أسوأ الممارسات غير الإنسانية التي تصل إلى حدود جرائم الحرب، والتي تمثل انتهاكاً فظاً للقانون الدولي، واعتداء على الإنسانية وحق ملايين السوريين في أن يعيشوا بكرامة. ويشكل هذا القانون أيضاً، ما يشبه المقصلة لملايين الأطفال السوريين الذين يعانون أساساً ويلات الحرب وفظائعها منذ أكثر من عشر سنوات.

تؤكد منظمة «اليونيسيف» أن الحرب لا تقضي على حاضر أطفال سورية فحسب، لكنها تهدد مستقبلهم أيضاً، وأشارت إلى أنه بعد عشر سنوات، ترك النزاع 90% من الأطفال السوريين بحاجة إلى المساعدة. وأكد ممثل المنظمة في سورية بوفيكتور نيلوند، أن «أزمة ثلاثية من العنف والبؤس الاقتصادي وجائحة كورونا، دفعت بالعائلات السورية إلى حافة اليأس».

وقال إن ما يقارب خمسة ملايين طفل ولدوا في سورية على مدى السنوات الماضية، وإن مليون طفل آخر ولدوا لاجئين في الدول المجاورة لسورية «وهؤلاء هم ملايين الأطفال الذين لا يعرفون سوى الموت والدمار والنزوح».

وأكد ممثل «اليونيسيف» «أنه تم التحقق من مقتل أو إصابة ما يقارب 12 ألف طفل؛ أي طفل واحد كل ثماني ساعات، ومن المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أكبر من ذلك». ووفقاً للبيانات التي تم التحقق منها، فقد «تم تجنيد أكثر من 5.700 طفل، بعضهم لا تزيد أعمارهم على سبع سنوات، وهناك حوالي 3.5 طفل خارج المدرسة».

هذا غيض من فيض المطحنة/المقتلة السورية التي زادها «قانون قيصر» الأمريكي بؤساً وقهراً، لعل الإدارة الأمريكية تشفي غليلها بهذه السياسات المتوحشة التي تنم عن حالة من الاستكبار والاستخفاف بحياة الآخرين، وبأبسط القوانين الإنسانية والأخلاقية.

من الواضح أن هذا السلوك تجاه الدول والشعوب الأخرى المناهضة للسياسات الأمريكية، هو سلوك منهجي واستراتيجي، وهو جزء من حرب معلنة ولكن من دون رصاص.

لعلنا نذكر تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مارلين أولبرايت التي سئلت عام 1996 في برنامج «ستون دقيقة» مع الصحفية ليسلي ستول، عن رأيها في وفاة أكثر من مليون طفل عراقي جراء الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق منذ عام 1990، فأجابت بكل برودة أعصاب: «إن الأمر يستحق ذلك».

بالنسبة لترامب و«قانون قيصر» وتداعياته الكارثية على أطفال سورية، فالأمر يستحق ذلك أيضاً، طالما أنه سيف سياسي يقصد به تدمير دولة غير مرغوب فيها، ولا يهم ما إذا كان الثمن هو الشعب السوري كله.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.