تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العرب "يتذيّلون" الاستعدادات  للنظام العالمي الجديد..؟!!

مصدر الصورة
عن الانترنيت

تتجه العلاقات الدولية نحو نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، لا مركزية فيه للولايات المتحدة ، ولا للغرب سيطرة غالبة كما في النظام العالمي الراهن، لكن ذلك لا يعني أنّ الغرب ذاهب للتسليم بالأمر بسهولة. لذلك سنرى ضغوطاً متزايدة على الجميع لتأمين الأمن بأشكاله وصوره كافة ؛ الأمن الشخصي والأمن الوطني والأمن الاجتماعي والأمن الغذائي... الخ. لكنّ هذه الضغوط ستكون أكبر على شرائح معينة في الدول الغنية وعلى مجمل الدول الفقيرة. ويمكن ملاحظة قوافل الهجرة ـ أو الهروب بالمعنى الأصح ـ من الجنوب الفقير إلى الشمال الغني، ولاسيما إلى دول الاتحاد الأوروبي. وهذه القافلة تضم أعداداً غفيرة من مواطني الدول العربية التي تشهد حروباً وأزمات، أو تلك المستقرة ولكنها لا تحقق القدر الكافي من النمو والتنمية لجذب مواطنيها ودفعهم للبقاء في أوطانهم وحمايتها وتطويرها والعيش بحياة كريمة.

باستثناء قلة من دول الخليج النفطية، فإن بقية الدول العربية تعاني من فقدان الأمن الجماعي بمختلف أشكاله وصوره ، ولاسيما الأمن الغذائي الذي إن لم يتحقق، انعكس بشكل مباشر على أمن المجتمعات والدول واستقرارها. ومع ذلك لا نرى أحداً يتحرك لمواجهة الكوارث التي تبدو أنها في الطريق إلينا في المستقبل ؛ لا الجامعة العربية المصابة بحالة من "الكوما"، ولا الأنظمة العربية فيما بينها. وأتى فيروس كورونا ليزيد الطين بلّة ، ويساهم في تجميد مختلف النشاطات وبما ينعكس سلباً على الاقتصادات الكبيرة والصغيرة، الغنية والنامية. ومع ذلك لا نرى أي نشاط عربي باتجاه "وحدوي" أو "تكاملي" أو تعاوني" أو حتى "تنسيقي" في السنوات الأخيرة لمواجهة التحديات القائمة والمستقبلية الداهمة. فقط كان هناك بعض التطورات التي رأينا أشكالها العام الماضي في التطبيع الخليجي مع الكيان الإسرائيلي، ولكن آثارها "الإيجابية المفترضة" لم تظهر حتى الآن في أي جانب من جوانب الأمن الضرورية، ولا يبدو أنها ستظهر.

ومقابل هذا النمط من التطور في العلاقات الإقليمية (التطبيع)، فإن المشكلة الكبيرة تتمثل في أنّ معظم العلاقات العربية البينية سيئة ومتدهورة ومتوترة وتفتقر إلى الثقة المتبادلة بسبب وجود مشاكل وخلافات متجذرة لا أحد يسعى لحلّها أو لا يريد أو لا يستطيع ذلك، وبدون استثناء من المحيط إلى الخليج، وهو ما ينعكس سلباً على أمن هذه الدول واستقرارها ونموها وازدهارها.

وإذا كانت بعض الدول الخليجية قد سعت إلى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، فإن دولاً عربية أخرى أقرّت بأنها ساهمت في الحرب على دول عربية شقيقة وشاركت بتأمين مبلغ /130/ مليار دولار لتخريب وقلب نظام الحكم في سورية (اعترافات حمد بن جاسم وزير خارجية قطر السابق)، وليس لإعمار أو تطوير أو بناء سورية، أو غيرها من الدول العربية الفقيرة. هل يمكن تخيّل ماذا كان سيحصل لو أنّ مثل هذا المبلغ قد أنفق لتطوير الزراعة في سورية أو السودان أو الجزائر أو المغرب أو العراق أو مصر مثلاً... لتحقيق الأمن الغذائي العربي..؟!

ونتيجة لهذا الوضع العربي المزري وللتفكك العربي، أصبحت كل دولة عربية تنشد أمنها الذاتي من خلال نسج علاقات خاصة مع جهة خارجية، غالباً لا مصلحة لها في استقرار وقوة وأمن الدول العربية ؛ بل الأسوأ أنّ بعض الدول العربية تستعين بالحماية الأجنبية لتحقيق أمنها ضد أمن شقيقاتها العربيات وأحياناً لمواجهتهن.

من الواضح جداً أن البقاء في المستقبل هو للتكتلات الكبيرة، وكل التحليلات والدراسات تؤكد على أنّ التأثير الفعال وتحقيق الاستقرار تؤمنه الاقتصادات الكبيرة. الصين تعقد صفقاتها مع الاتحاد الأوربي مجتمعاً، وقد احتلّت المركز الأول محل الولايات المتحدة في هذا السياق، فأين تقبع الاقتصادات العربية المتهالكة..!

في تجارب التاريخ، فإنّ الحلول الخلاقة غالباً ما جاءت بعد الانهيارات أو الحروب الكبيرة ؛ ألم يصل الوضع العربي بعد إلى الانهيار الكبير للبدء بالبحث عن أي شكل من أشكال التعاون أو التنسيق أو التضامن أو التكامل، والسعي لوضع حدّ للضعف والتراجع والهوان العربي.. ولتحقيق حدّ أدنى من الأمن العربي والبدء بالانتقال نحو واقع أفضل والعمل على تحقيق مستقبل مشرق لهذه الأمة عبر استغلال الموارد المختلفة والاستثمار الأمثل لكافة الثروات بدل أن يستغلها أعداء الأمة ويحاربونها بها..؟!!

                            بـديـع عفيـف

 

 

 

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.