خلال جلسة سمر قل نظيرها في ظل الحال التي نعيشها، قال لي صديقي إنه رأى في نومه حلماً غريباً وعجيباً (طّير النوم من عينيه) وأصابه بحالة من القلق والخشية والكآبة ولم يعرف معناه وتفسيره.
ولأنني ابن حلال وأقدم الخدمات المجانية للأصدقاء فتبرعت فوراً بتفسير حلمه ، فقال: رأيت في ما يرى النائم – خير اللهم اجعله خير – أنني صاحب محطة وقود دائمة الخضرة (عفواً..دائمة البنزين) أي لا ينقطع عنها البنزين، وأنني أملأ كل يوم خزانات وقود السيارات من دون تحديد عدد اللترات المسموح بها، بل إنني أعطي البنزين بالتقسيط المريح.
قلت له: اسمع يا ابن الحلال، غداً صباحا تذهب إلى أقرب محطة وقود وتأخذ حصة سيارتك من البنزين أربعين لتراً بالتمام والكمال ولن تقف على الطابور أكثر من خمس.. ست ساعات،وهذا هو تفسير الحلم.
فرح الرجل فرحاً كثيراً بهذا التفسير المبين وتوكل على الله فذهب في صباح اليوم التالي إلى الكازية الواقعة في مشروع دمر وأشبع خزان البنزين بالأربعين لتراً وفعلاً لم يقف على الطابور والدور سوى خمس ساعات وخمس دقائق فقط لا غير، ولأن تفسيري لحلمه كان صحيحاً فقد أرسل لي مع ابنه صحن كواج خال من اللحمة، فتقبلته شاكراً.
بعد ساعات جاءني اتصال من رقم مجهول:
ألو.. مين حضرتك؟.
الصوت:أنا أبو فلان، أعطاني صديقك علان رقمك وقال إنك مفسر منامات عظيم الشان!!.
أنا: وما المطلوب يا أبا فلان؟. فجاءني صوته همساً: تفسير منامي.
ومنام الأخ أبو فلان لا يختلف عن أحلام السوريين فقد قال لي أنه حلم أنه وأسرته كانوا من أبطال فيلم (الإرهاب والكباب) بطولة عادل إمام، فقلت له : وصلت.. انظر يا أخا العرب ستحصل بعد إشارة ..إشارتين..ثلاث إشارات على لحم غنم مذبوح وفق الشريعة الإسلامية.
بعد ثلاثة أيام اتصل بي أبو فلان نفسه وبشرني أنه حصل للتو على فخذ خروف محرز ذبحه قريبه لأنه ندر إذا حصل على اسطوانة الغاز قبل مرور الشهرين المتعارف عليهما فسيذبح خروفاً، وهكذا كان، ولأنني كنت شاطراً في تفسير حلمه تكرم علي بقطعة لحم لا تتجاوز الـ 200 غرام مع كم عضمة فكانت مكافأتي عظيمة كثيراً.
من يومها دخلت عالم تفسير الأحلام مفسراُ بالأجرة، كل منام له تسعيرة، فاكتشفت أن مفسري الأحلام والمشعوذين والمشعوذات يربحون من الشعوذة أكثر ما يربح كاتب وأديب خمس نجوم,
فمن يرغب بتفسير منامه عليه أن يرسل لي ذلك المنام مع المعلوم كي أفسره له بسرعة ارتفاع الأسعار، لكنني أخشى أن تضع الحكومة المهضومة ضرائب جديدة على الأحلام والمفسرين..والله يعين!.
المواطن عصام داري - ليمتد
