تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أمريكا والرقابة المحمومة والاستبداد الرقمي..؟!!

مصدر الصورة
وكالات -أرشيف

       لطالما نصّبت الولايات المتحدة نفسها حامياً لحقوق الإنسان والديمقراطية في العالم؛ ولطالما فرضت عقوبات وشنت حروباً وسجنت وقتلت أناساً أبرياء باسم الحرية والعمل على نشر الديمقراطية ؛ ولطالما أسقطت أنظمة وهددت دولاً لا تتناسب سياساتها مع سياسات واشنطن، ودعمت مجرمين وقتلة ومرتزقة ومولتهم في سبيل تحقيق أهدافها تحت تلك الشعارات البراقة؛ فمن يقف مع الولايات المتحدة وينفذ سياساتها، فهو مناضل في سبيل الحرية والديمقراطية، ومن يخالف تعليمات الولايات المتحدة حقّ عليه العقاب. وكان ذلك يحدث خارج الولايات المتحدة، في البلدان الأخرى، كحقول للتجارب الأمريكية المريرة. وكان الإعلام الأمريكي يشنّ الحملات والحروب دفاعاً عن سياسات واشنطن الإجرامية مهما كانت نتائجها مؤلمة وقاتلة.

ولكن ماذا حصل عندما تم تسليط الضوء على داخل الولايات المتحدة نفسها؟ ماذا حصل عندما شعرت الولايات المتحدة ، أو الجهات المتنفذة داخلها، أنها تحت الخطر؟ ماذا فعلت برئيسها دونالد ترامب الذي أيده نصف الأمريكيين في انتخابات رئاسية صاخبة، اعتبر هو أنها مزوّرة ضدّه؟

قبل أيام أكد موقع تويتر، أنه "جمد بصورة نهائية"، أكثر من 70 ألف حساب مرتبط بحركة "كيو آنون"، التي تؤمن بنظرية المؤامرة وتؤيد الرئيس ترامب. وحجة " تويتر" هي منع أصحاب هذه الحسابات "من استخدام المنصة للترويج للعنف" وبسبب تزايد مخاطر الأذى!!

ترى هل بحثت/ تابعت/ راقبت/ منعت/ حجبت إدارة "تويتر"، يوماً التحريض على العنف الذي ينشره موقعها ضد سورية والسوريين؟ ألم تلحظ إدارة تويتر أي أذى ضد سورية والسوريين في الحسابات التي تحميها وتبقيها؟! بالطبع الأذى الذي تحميه وترعاه إدارة "تويتر" وغيرها من إدارات شركات التكنولوجيا الكبرى ليس ضد سورية والسوريين فقط..!!

أكثر من ذلك، فقد علّقت شركة "تويتر" حساب الرئيس ترامب بشكل دائم، بسبب وجود خطر استغلاله في التحريض على المزيد من العنف. ليست وحدها بالطبع؛ فقد حجبت شركة "فيسبوك" و"انستغرام" و"آبل" وغيرها صفحات الرئيس ترامب بعد اقتحام أنصاره للكابيتول في واشنطن مؤخراً. إذن، عندما لامست النار طرفَ ثوبِ الأمريكي المتنفذ سقطت كل المحرمات والقوانين والأنظمة والحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيامه الأخيرة في الرئاسة الأمريكية، محاصر في البيت الأبيض، كمجرم خطير، كإرهابي، معزول عن الاتصال مع الإعلام الخارجي، وعن ناخبيه ومؤيديه، مع أنّه تم اختيار الرجل قبل أيام فقط من قبل نصف الأمريكيين؟! نحن نتحدث عن رئيس الولايات المتحدة، القوة العظمى، وليس عن أي رئيس عربي أو إفريقي أو جنوب أمريكي.

وعليه، طالب السيناتور الجمهوري روجر ويكر، مدراء الشركات التقنية الكبرى مثل "آبل" و"فيسبوك" و"تويتر" وغيرها بتقديم ردود مفصلة بشأن تعليق أو حجب الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار السيناتور الذي يترأس لجنة شؤون التجارة في مجلس الشيوخ، إلى أنه تم حجب أو تعليق حسابات آلاف المستخدمين المؤيدين للتيار المحافظ على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مؤقت أو نهائي، معتبراً أن "الأمريكيين يستحقون الشفافية ومحاسبة المسؤولين عما يبدو أنه رقابة منحازة سياسياً وإسكات أصوات المستخدمين والشخصيات الاجتماعية".

أجل، رقابة منحازة سياسياً، بررها رئيس "تويتر" جاك دورسي. واعتبر أن قرار الموقع حظر حساب الرئيس ترامب كان "الخيار الصحيح"، لكنه أكد أنه يرسي "سابقة خطرة". دورسي أوضح أن فرض حظر على الرئيس الجمهوري الذي كان لديه أكثر من 88 مليون متابع على حسابه في "تويتر"، "يرسي سابقة تبدو لي خطرة: القوة التي يتمتع بها فرد أو شركة على جزء من المحادثة العامة".

المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون، أكد أنه طلب من شركات "أمازون" و"آبل" و"فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر"، شرح الأسباب التي دفعتها لفرض حظر على الرئيس ترامب، لأن الخطوة التي قامت بها هذه الشركات "تبدو منسقة" وتهدف "لإسكات أولئك الذين لا يتماشى كلامهم ومعتقداتهم السياسية مع قادة الشركات التكنولوجية الكبرى". وبدورها، أعلنت الأمم المتحدة أن مسألة حماية حقوق الإنسان في أثناء حجب الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تتطلب مناقشة مفتوحة بمشاركة مختلف الأطراف.

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، وفي مقال له على موقع وكالة "تاس"، رأى أنّ مواقع التواصل الاجتماعي، شنت حرباً معلوماتية بلا قواعد، ضد الرئيس ترامب، معتبراً أنّ "النظام الانتخابي الأمريكي القديم أدى إلى تفاقم وتعرية حتى أقصى الحدود، قضية هامة جداً، تتعلق بالدور غير المسبوق للشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الجديدة، في السياسة العامة، وبالتالي لشركات تكنولوجيا المعلومات الخاصة التي تمتلكها هذه الشبكات".

بلى، الشركات التكنولوجية الكبرى مارست وتمارس سطوة ورقابة منحازة سياساً. وإذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ما يزال في سدّة الحكم، والمؤيَد من قبل 74 مليون ناخب، والمتابَع من قبل 88 مليون شخص على حسابه في "تويتر"، قد تعرّض للرقابة والمنع والحجب، فهل يمكن تخيّل حجم الرقابة وقوتها وتأثيرها وخطورتها، ودور شركات التكنولوجية الكبرى عندما يريد قادتها "إسكات أولئك الذين لا يتماشى كلامهم ومعتقداتهم السياسية معهم"، بغض النظر عن صفتهم وموقعهم وأهميتهم..؟!!

                                          بـديـع عفيـف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.