تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رجاحة عقل ترامب..؟!!

مصدر الصورة
وكالات - أرشيف

قبل أكثر من أربع سنوات انتخب الأمريكيون الرئيس دونالد ترامب لفترة رئاسية لمدة أربع سنوات، بناء على وعودٍ أطلقها، وآمال علّقها عليه الشعب الأمريكي. في الجزء الأول من رئاسته تحسّن الاقتصاد الأمريكي نسبياً وكان ترامب يراهن على هذا التحسن في الاقتصاد وتراجع البطالة وزيادة الوظائف. لكن الأمر لم يدم ولم تستمر الإنجازات في هذا الاتجاه؛ فقد فعل وباء الكورونا فعلته وقلب الأمور رأسا على عقب. أما في المجالات الأخرى، بالنسبة للأوضاع الداخلية والسياسة الخارجية والتعامل مع الحلفاء والخصوم، فكان أداء ترامب مقلقاً وسلوكه غير قابل للتنبؤ به دائماً.

عند انتخاب الرئيس ترامب في المرة الأولى، رأى كثير من المحللين والكتّاب إنه استطاع خداع الأمريكيين الذين انتخبوه، وتوقع الكثيرون أن يكون سقوطه مدوياً في الانتخابات الثانية التي جرت في تشرين الثاني الماضي؛ أجل خسر ترامب بنتائج الانتخابات الثانية في تشرين الثاني الماضي، ولكن النتائج نفسها أظهرت أن نصف الأمريكيين تقريباً يؤيدونه، أي أن أكثر من 74 مليون أمريكي صوتوا له..!!

ترامب لايمثل نفسه فقط؛ إذن، وبغض النظر عن نظرة الآخرين وتقييمهم له وشماتتهم واستخفافهم به، هو يمثل نصف عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة تفكيره ومعتقداته وطروحاته، حسابياً على الأقل: هل هذا مطمئن للدول والشعوب الأخرى؟! لا شك أنّ الجواب السلبي واضح منذ عدة أشهر، بل منذ تسلم ترامب مقاليد الحكم، في ردود الفعل الشعبية والرسمية المختلفة من شرق الأرض إلى غربها، وتأكد أكثر بعدما اقتحم أنصار الرئيس الأمريكي المتطرفون، مبنى الكابيتول وحدث ما حدث من تخريب وقتلى ومظاهرَ لا تختلف عن مثيلاتها في دول العالم الثالث وحمهوريات الموز ، ونقلت وسائل الإعلام كل ذلك ووثقته، وكان الرئيس ترامب يبدي فرحته.

على المقلب الآخر، وصف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن من اقتحموا الكابيتول بالإرهابيين! تُرى هل ينطبق هذا التوصيف على من اقتحموا المبنى فقط، أم عليهم وعلى مؤيديهم ومَن يمثلون من الأمريكيين، وفي مقدمتهم الرئيس ترامب نفسه، والذي لا يزال في البيت الأبيض حتى كتابة هذه الكلمات؟ وهل هذا التوصيف ينطبق على أمثال من اقتحموا الكابيتول في البلدان الأخرى، أم أن هؤلاء الأجانب دعاة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان...؟!  

الرئيس ترامب خسر الانتخابات وربما فقد احترام الكثيرين، حتى ممن كانوا يؤيدونه. قانونياً، سيخرج ترامب من الرئاسة الأمريكية بعد أقل من أسبوعين، فهل ستنتهي الترامبية كتيار وتوجّه وممارسات، وبكل ما تمثل؟ أم أنّ الصدع الذي أحدثته سنوات ترامب في البيت الأبيض، في الولايات المتحدة وخارجها أكبر من أن يرمم؟ ترامب كما قلت في مقال سابق هو نتيجة، هو صورة لواقع موجود، وكل ما قام به إنه أعطى المجال ليظهر الواقع الأمريكي على حقيقته دون زيف أو تزيين.

والآن، سيدخل جو بايدن في العشرين من كانون الثاني الجاري إلى البيت الأبيض، إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، ليكون رئيس الولايات المتحدة السادس والأربعون؛ بايدن حصل على أعلى الأصوات في الانتخابات الرئاسية بفضل مشاركة/ منافسة ترامب وأنصاره؛ وها هم الديمقراطيون أيضاً وقد باتوا يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ؛ وتراجعَ الحزب الجمهوري الذي سيحتاج الوقت لترميم صورته، إلى الخلف؛ بكلام آخر، فإن الرئيس بايدن، الخبير ونائب الرئيس السابق، أصبح طليقأ ليقوم بالإصلاح الداخلي وترميم الشرخ الذي أصاب المجتمع الأمريكي والاقتصاد الأمريكي، والعلاقات الأمريكية مع الحلفاء والمنظمات الدولية والاتفاقات الدولية، وحتى إدارة الخلافات مع المنافسين والخصوم الدوليين دون الوصول إلى الحرب المدمّرة التي كانت سياسات ترامب تدفع إليها.

ولكن السؤال الصعب هو عن مدى إمكانية إنجاز هذه الأهداف وغيرها الكثير، وتخطي التحديات والعقبات الكبيرة، ومواجهة المشاكل المتراكمة، بل وإعادة النظر بسياسات بلاده، لاسيما بعدما تهشّمت صورة الولايات المتحدة وأصبح دورها موضع شك في الترويج للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وفي الإلتزام بكلمتها وبالمواثيق والمعاهدات الدولية..؟!!

                                       بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.