تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: الأردن يطمح للعمل كمركز إقليمي للغذاء فيما يستورد معظم احتياجاته

مصدر الصورة
وكالات

يشكّل المركز الإقليمي للأمن الغذائي مشروعا طموحا للأردن، بيد أن عوامل كثيرة تحول دون تحققه على أرض الواقع بعضها يتعلق بوضع المملكة نفسها حيث تعاني من هشاشة في أمنها الغذائي وبالتالي هي ليست النموذج الذي يحتذى به، ومن العوامل الأخرى وجود عوائق سياسية تحول دون هذا الطموح رغم أنه يظل مشروعا.

عمان – يسوّق الأردن هذه الأيام لمشروع إقامة مركز إقليمي للأمن الغذائي، في وقت يستورد فيه نحو 98 في المئة من احتياجاته الغذائية، الأمر الذي يثير تساؤلات هي أقرب إلى الشكوك حول سبل تحويل هذا المشروع إلى واقع ملموس؟

ومن المنتظر أن يطرح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مشروعا يقضي بأن تصبح بلاده مركزا إقليميا للغذاء بشكل مفصل خلال القمة الثلاثية المتوقع أن تستضيفها بغداد في الربع الأول من العام المقبل، والتي ستضم، إلى جانب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

واللافت أن كلا من الدول الثلاث تشهد خللا كبيرا في استراتيجياتها المتعلقة بالغذاء ما يجعلها تستورد معظم احتياجاتها من الخارج، في ظل تراجع كبير في القطاعات الإنتاجية لاسيما قطاع الزراعة، الذي وإن كان حاضرا في الخطط الحكومية لهذه الدول، بيد أنه يتذيل قائمة الأولويات.

وقال وزير الزراعة الأردني محمد داودية مؤخرا، إن بلاده على استعداد للعمل كمركز إقليمي للغذاء، مشيرا إلى “وثيقة من شأنها جعل المملكة مركزا للأمن الغذائي في المنطقة، وهي الآن قيد الدراسة”.

وأوضح داودية أن هذا المركز “سيكون تشاركيا مع دول في المنطقة، إضافة إلى منظمات دولية مهتمة بالأمن الغذائي”. وأضاف أنه تم “وضع الإطار التشريعي والفني للمركز الإقليمي المنتظر”.

وأكد أنه جرى إرسال الوثيقة لرئاسة الوزراء ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين “وهناك ترحيب من بعض الدول، وسيصار بعد إقرارها كاتفاقية إلى إيداعها لدى منظمة الأمم المتحدة”.

وبدا واضحا أن الأردن من خلال طرحه لهذا المشروع يحاول أن يستعيد توازنه الإقليمي الذي اختل بفعل المتغيرات التي شهدتها المنطقة، والتي أثرت بشكل واضح على ثقله السياسي.

وتحوّل الأردن إلى مركز إقليمي للأمن الغذائي هو أمر يصعب تحققه، حيث أن على المملكة بداية أن تكون نموذجا يحتذى به في هذا الجانب بمعنى أن تكون سباقة إلى تحقيق اكتفائها الغذائي، وهي لا تزال في واقع الحال بعيدة جدا عن ذلك.

ورغم تأكيد العاهل الأردني في كل إطلالاته على وجوب إيلاء القطاعات الإنتاجية (الزراعة والصناعة) الأولوية بيد أن الحكومات المتعاقبة، تعاطت مع تلك التوجيهات بنوع من الفتور وعدم الحماسة، لعوامل موضوعية وأخرى ذاتية.

وعلى مستوى قطاع الزراعة الذي يشكل العمود الفقري لتحقيق الأمن الغذائي، تواجه المملكة تراجعا كبيرا يرجعه خبراء إلى ما تعانيه المملكة من شح في المياه عمقته التأثيرات المناخية وتراجع الأمطار الموسمية، وهو ما ساهم في تضاؤل المساحات الصالحة للزراعة.

ويشير الخبراء إلى عوامل أخرى أدت إلى تضرر هذا القطاع لعل من بينها تقلص المساحات الزراعية نتيجة التمدد العمراني، إلى جانب غياب خطة إصلاحية حقيقية من شأنها أن تحفز الأردنيين لاسيما الشباب على العودة إلى الأرض واستثمارها.

ويقول الخبراء إن العديد من صغار الفلاحين في الأردن اضطروا إلى التوقف نتيجة ارتفاع تكاليف الزراعة من بذور وأدوية وأسمدة، وفي ظل اعتكاف الحكومات عن مد يد المساعدة من خلال تقديم منح أو قروض ميسّرة.

ويشير هؤلاء إلى أن العديد من الشباب الأردني كغيرهم من شباب المنطقة ينظرون إلى مهنة الزراعة على أنها من المهن الدنيا، ويفضلون البحث عن وظيفة حكومية، وهذا تتحمل الدولة جانبا كبيرا من المسؤولية عنه.

وعلى المستوى الصناعي فإن الوضع لا يقل سوءا عن القطاع الزراعي، حيث أن صناعيي الأردن يواجهون تحديات كبيرة من بينها التعقيدات البيروقراطية وغياب الدعم المأمول من الدولة. وزاد تفشي فايروس كورونا من أزمة الصناعة في المملكة، لاسيما على مستوى تصريف المنتوجات، وكانت العديد من المصانع اضطرت إلى تسريح عملتها في محاولة للصمود.

ويقول الخبراء إن الأردن غفل على مدار العقود الماضية عن القطاعات الإنتاجية، لكن تفشي جائحة كورونا شكل بالنسبة إليه جرس إنذار وكشف مدى هشاشة الوضع الغذائي داخل المملكة، ومن هنا يأتي حديث الملك المتواتر عن ضرورة إيلاء هذا الموضوع الأولوية القصوى، وإن كان هناك بون شاسع بين القول والفعل.

وركز الملك عبدالله الثاني خلال افتتاح أعمال الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر الذي جرى الأسبوع الماضي على ضرورة تركيز الحكومة على الصناعات الغذائية والدوائية والمعدات الطبية والزراعة، وأن تكون لهذه القطاعات الأولوية.

وكان العاهل الأردني تحدث في حوار “بورلوغ” الدولي، الذي تنظمه مؤسسة جائزة الغذاء العالمية، الذي عقد في 22 سبتمبر الماضي، عن ضرورة تشكيل شبكات أمان إقليمية تحافظ على تدفق الإمدادات الحيوية دون انقطاع.

وقال الملك عبدالله “سيكون نقص الغذاء من بين التحديات العديدة التي سيتعين علينا مواجهتها، وعلى نطاق أوسع بكثير من العقود السابقة. وقد بدأ ذلك بالظهور بالفعل، فنحن نرى تهديدات للأمن الغذائي في لبنان، ونرى الجوع يهدد مجتمعات اللاجئين المعرضة للخطر في منطقتنا، والمجتمعات التي تعيش في الفقر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأميركا اللاتينية، ومناطق أخرى”.

وأضاف “إن موقعنا الاستراتيجي، في نقطة تلاقي أفريقيا وآسيا وأوروبا، يمكّن الأردن من تسهيل وتنسيق العمل الدولي، بالإضافة إلى إمكانية عمله كمركز إقليمي للغذاء. وهذا من شأنه أن يسارع ويعزز الاستجابة العالمية للأزمات الغذائية والكوارث، كالانفجار المأساوي الذي وقع في بيروت في أغسطس الماضي، والذي دمّر صوامع الغذاء ومرافق المرفأ الحيوية”.

وأوضح “لبناء الأمن الغذائي على مستوى عالمي، لا بد من أُطر عمل تنظيمية متينة تشمل توفير الأدوات المالية المطلوبة، وتبادل الخبرات العالمية في تقنيات الزراعة، وزيادة الاستثمار في البحث العلمي، وعلينا أن نمضي قدما والآن؛ لأن التنسيق ضروري لمنع نشوب أزمة نقص غذاء وسوء تغذية عالمية قد تطرأ إن لم نكن مستعدين لمواجهة أوبئة وتحديات جديدة في المرحلة القادمة”.

ويرى متابعون أنه لا يمكن إغفال وجود دوافع سياسية تحول دون طموح الأردن للتحول إلى مركز إقليمي للأمن الغذائي، ذلك أن أي دولة في المنطقة ترى في نفسها الأكثر قدرة للعب هذا الدور، فضلا عن الانقسامات والخلافات التي تنخر المنطقة والتي تحول دون قيام مثل هذا المشروع.

ويشير المتابعون إلى أن الأردن لا يملك القدرة أو أدوات التأثير التي تجعل حلمه يتحول إلى واقع في ظل تراجع ثقله السياسي الذي كان يحظى به قبل سنوات نتيجة التغيرات التي تعصف بالمنطقة.

ويعتبر هؤلاء أن مصير هذا المشروع محكوم عليه بالفشل قبل أن يرى النور، كحال المشروع الذي سبق وطرحته المملكة بأن تلعب دور المركز الإقليمي لمكافحة كورونا، والذي كان طرحه ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله قبل أشهر.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.