تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اختبار الديمقراطية الأمريكية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

يونس السيد

لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تقف الديمقراطية الأمريكية على مفترق طرق خطير، إما أن يدفع هذه الديمقراطية نحو الانهيار الكلي والشامل، أو يدفعها نحو المضي قدماً في الحفاظ على إرثها التاريخي، الذي يعتبر واحداً من أهم أسلحتها في تسويق أفكارها على الساحة العالمية وتكريس دورها القيادي في العالم.

الأمر يتوقف على قدرتها على تجاوز اختبار «ديمقراطيتها» المهددة بنجاح، وتكريس مبدأ الانتقال السلمي والسلس للسلطة، عقب انتخابات 3 تشرين الثاني الرئاسية المقبلة، في ظل تحديات لم تواجهها الولايات المتحدة من قبل، يتقدمها الانقسام السياسي والمجتمعي الأمريكي، بما في ذلك الاحتجاجات ضد العنصرية، وتهديد ولايات بعينها بالانشقاق عن الاتحاد الفيدرالي مثل كاليفورنيا وأريغون وواشنطن في حال عودة ترامب مرة ثانية إلى البيت الابيض، علاوة على تداعيات جائحة كورونا التي لا تزال تفتك بأرواح الألوف من الأمريكيين. المخاوف على سقوط النموذج الديمقراطي الأمريكي ظهرت مع صعود ترامب للسلطة عام 2016، الذي لم يتردد في تحدي المؤسسات الديمقراطية، عبر خلخلة أسس وثوابت هذه المؤسسات وإضعافها، وتجميع السلطة المركزية بين يديه على غرار الكثير من الأنظمة الشمولية في العالم. لكن الأسوأ هو تهديده العلني والصريح في مناسبات متعددة بعدم الإقرار بنتائج الانتخابات في حال خسارته لها والحكم عليها مسبقاً بأنها مزورة، بل إنه طلب، في حال خسارته، من مؤيديه المدججين بالسلاح دخول العاصمة واشنطن لتأمين حمايته من المؤسسات الأخرى، ما يعني أنه سيظل ممسكاً بالسلطة خلافاً لكل القواعد والأعراف المتبعة وللدستور والقوانين الأمريكية. هذا التحدي الجديد بما يشكله من تهديد فعلي للديمقراطية، وبما أثاره من جدل داخلي حاد، دفع الكثير من النخب العسكرية والسياسية إلى مطالبة الجيش بالتدخل لإنفاذ الدستور وتأمين الانتقال السلمي للسلطة. وفي هذا الصدد دعا ضباط عسكريون متقاعدون رئيس هيئة الأركان المشتركة إلى إعداد خطة لإخلاء ترامب من البيت الأبيض في حال اعتراضه على نتائج الانتخابات وعدم فوزه بولاية ثانية.

الجدل الداخلي لا يتوقف عند هذا الحد، فقد رافق مجيء ترامب إلى السلطة وامتد الى مختلف مفاصل الحياة الأمريكية، بما في ذلك طريقة تعامله مع جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد والمجتمع، وتعامله مع الاحتجاجات ضد العنصرية، والخلافات المتجددة حول التصويت عبر البريد الالكتروني، الذي يراه الجمهوريون غطاء لتزوير الانتخابات حيث لا يتم التثبت من هوية الناخب بشكل مباشر، وكذلك قضية التدخلات الاجنبية (روسيا والصين وغيرهما) التي لا تزال على طاولة الحزبين الكبيرين.

وفوق كل ذلك، تأتي السياسة الخارجية، وسياسة العقوبات التي تفرضها إدارة ترامب، واستفزاز الأصدقاء والأعداء، على حد سواء، ما اعتبر في نظر الكثيرين إضعافاً للدور القيادي الأمريكي في العالم. لكن يبقى المعيار الحقيقي للديمقراطية الأمريكية هو ما ستفرزه صناديق الاقتراع ومدى الالتزام بنتائج الانتخابات والانتقال السلمي للسلطة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.