تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الزملاء الإعلاميون ..شاهدوا صور وفيديوهات فبركت عن انفجار بيروت واكتشفوا الحقيقة

مصدر الصورة
شبكة الصحفيين الدوليين

في 4 آب/أغسطس،  انفجرت شحنة محمّلة بـ2750 طنّا من مادّة نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، وانتشرت على الفور صور وفيديوهات على وسائل التواصل الإجتماعي للإنفجار والدخان المتصاعد منه، وسارعت بعض وسائل الإعلام التي لم تتقصّ الحقائق إلى نشر فيديوهات، تبيّن لاحقًا أنّها خضعت لتعديلات وتغيير في الألوان وإدخال عناصر جديدة بها مثل الصواريخ، فوقع صحفيون وناشطون ومؤسسات إعلاميّة في فخ الأخبار الزائفة  الـFakenews!

 وقد غذّى كمّ انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة التي تحرّف حقيقة وأسباب وقوع الإنفجار عبر وسائل التواصل الإجتماعي وتطبيقات الدردشة الغضب العارم لدى المواطنين. إذ مرّت أيام على الإنفجار ولم تهدأ الصور والفيديوهات والأخبار العاجلة والـ"سكرين شوت" التي تتضمّن أخباراً كاذبة بلغات عدّة وليس بالعربية فقط، بدءاً من أسباب الإنفجار وصولاً إلى إضاءة بعض المعالم السياحية في بعض الدول بالعلم اللبناني، وغيرها من المواضيع.

وفيما يلي تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين أمثلة عن فيديوهات وصور انتشرت بشكل كثيف وتبيّن لاحقًاً أنّها مضلّلة، كما تقدّم للصحفيين بعض الأدوات التي تمكّنهم من كشف تزييف الصور والفيديوهات:

أولاً: تصوير "حراري" وإدخال عنصر إلى فيديو أصلي

تداول عدد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي وحتى بعض الصحفيين فيديو يُظهر مشهد انفجار باللونين الأبيض والأسود، وقال متناقلوه إنّه "تصوير حراريّ دقيق" يُظهر لحظة سقوط صاروخ في العنبر رقم 12 في المرفأ ما أدّى إلى انفجاره. ولكن تبيّن فيما بعد أنّ هناك تلاعباً في الفيديو وقد تمّ تعديله من أجل تضييع الحقيقة وجعل المواطنين ينشغلون بالتفكير بالسيناريوهات المحتملة وراء الإنفجار الكبير.

 

صاروخ

صورة تمّ تداولها على تويتر 

وبحسب "ميزان فرانس برس" وهي خدمة لتقصي الحقائق تقدّمها وكالة الصحافة الفرنسية، فالمقطع المصور معدّل ليظهر بنسخة "نيغاتيف"، ويمكن الاطلاع هنا كيف يبدو التصوير الحراري.

ووفقًا لوكالة "أسوشييتد برس"، يبدو الصاروخ بمظهر كرتوني، وأوضحت أنّه مع اقترابه من الهدف أي المرفأ، لا يتغير حجمه، وتبقى زاويته نفسها. كذلك فبعد حوالي 8 ثوانٍ من بدء الفيديو، يختفي الصاروخ قبل أن يقترب من ضرب الهدف.

من جهته، قال الأستاذ في جامعة كاليفورنيا هاني فريد المتخصص بما يُسمّى "الطب الشرعي الرقمي" للوكالة "إن الصاروخ كان مزيفاً بشكل واضح"، ولفت إلى أنّ حجمه كان أكبر ممّا يجب، إضافةً إلى أنّه ليس هناك ضبابية في حركة الصاروخ كما هو متوقع بالنظر إلى السرعة التي يكون عليها الصاروخ في العادة.

من جهته، أوضح محسن المختفي، محرر السوشيال ميديا في CNN بالعربية، الذي التقط الفيديو الأصلي والذي أضيف الصاروخ إليه أنه لم يصور أي صواريخ، وقال: "لديّ الفيديو الأصلي ولا يظهر ذلك. عندما يسألني الناس عنه، أخبرهم أن الفيديو المتلاعب به ليس حقيقياً". وأضاف في تقرير نشرته CNN: "أؤكد أنني لم أر أي صاروخ ولم أسمع أي طائرة أو طائرة بدون طيار فوقي".

توازياً، قال متحدث باسم "تيك توك": "بمجرد علمنا بهذا الفيديو، أزلناه من منصتنا لانتهاكه سياستنا بشأن المحتوى المضلل". كما أكد مدير التواصل في يوتيوب فرشاد شادلو أنّ الفيديو قد أزيل لانتهاكه قواعد المنصة، بحسب "سي أن أن".

 

تصوير حراري يظهر وجود صاروخ هو الذي أدى إلى الانفجار الهائل في بيروت pic.twitter.com/MM86KPryiL
— Nuha Aljndi (@AljundiNouha) August 7, 2020

ثانيًا: صاروخ بين المباني.. وتضليل

انتشر فيديو على مواقع التواصل الإجتماعي يُظهر صاروخًا بين مبنيين، وأُرفق بمعلومة خاطئة عن أنّه سقط قبل استهدافه للمرفأ، إلا أنّ مقطعًا آخر أظهر الفيديو الأصلي، وكيف تمّ تعديل الفيديو الثاني ووضع فيه صورة صاروخ، ليزيد التضليل للرأي العام.

وفي هذا السياق، أوضح جيفري لويس وهو خبير في الصواريخ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية بكلية مونتيري في كاليفورنيا: "إنه في الأساس صاروخ كرتوني ولا يشبه أي صاروخ حقيقي يضرب هدفًا بالفعل".

ًصاروخ

صورة مقتطعة من فيديو نشره bellingcat

ومن الجدير ذكره في هذا الصدد، أنّه إذا كان الفيديو ضبابياً للغاية، أو بدقة منخفضة جداً، أو تم تصويره بإضاءة ضعيفة، أو يعرض موقعاً بين المباني أو محجوباً بالأشجار، فلا ينبغي الوثوق به ويجب التأكد من صحته.

ثالثًا: انفجار نووي

شبّه عدد من رواد التواصل الإجتماعي الإنفجار الذي هزّ بيروت بانفجار القنبلة النووية في هيروشيما منذ 75 عاماً، ونشروا أخباراً عن أنّ الإنفجار "نووي"، وذلك بسبب شكل الدخان الذي تصاعد في اللحظات الأولى من الإنفجار.

بعد التدقيق يتبيّن أنّ السحابة التي تشكّلت تُسمّى سحابة عيش الغراب (بالإنجليزية: Mushroom cloud)‏ وتتشكّل من دخان كثيف ولهب وحطام بعد وقوع انفجار هائل، وعلى الرغم من الربط بين هذا النوع من السحابات والانفجارات النووية في العادة، إلا أنّ أي انفجار بحجم الذي وقع في العاصمة اللبنانية يمكن أن يشكّل هذه السحابة.

وفي هذا السياق، نقلت مجلة "بيزنيس إنسايدر" عن خبراء أسلحة نووية أنّ الانفجار لم يكن ناجماً عن انفجار قنبلة ذرية، ولفتوا إلى أنّ عدداً من خصائص الإنفجار النووي لم يتمّ رصدها في بيروت مثل الوميض القويّ والحرارة الحارقة والإشعاعات.

إنفجار نووي في #بيروت .#لبنان pic.twitter.com/cM8AaIcnfA
— دباس (@dabbas50) August 4, 2020

 

رابعًا: فيديو "مفبرك" للإنفجار من داخل المرفأ

تداول ناشطون مقطع فيديو يُظهر عددًا من الأشخاص داخل مرفأ بيروت وهم يصوّرون لحظة وقوع الإنفجار، وظهر صاروخ أيضاً في "التصوير الحراري" وهو يستهدف العنبر قبل تصاعد الدخان.

https://t.co/aQcqopDT5C

:) pic.twitter.com/n0LvgFboLq
— Aurora Intel (@AuroraIntel) August 6, 2020

 لكنّ المقطع الأصلي يظهر أنه لا يوجد أي صاروخ، وأنّ تعديلاً وتلاعباً بالألوان حدثا، فبدا الفيديو صحيحاً للمتابع العادي الذي لا يملك خبرة في معرفة ألوان وأحجام وخصائص الفيديوهات الحقيقية.

يمكن هيدا أقرب فيديو ل #انفجار_المرفأ pic.twitter.com/rYWZ3Xqepm
— Jamal Chaiito (@JamalChaiito1) August 5, 2020

خامسًا: صاروخ لونه أسود

إضافةً إلى ما تقدّم، انتشر عدد من الفيديوهات التي تظهر بقعة سوداء متحركة تقترب من المرفأ قبل وقوع الإنفجار بثوانٍ، وقيل أيضاً إنّه صاروخ، لكنّ مقطعاً واضحاً نُشر دحض تلك النظرية، إذ أوضح بتقنية العرض البطيئة أنّ هذا الشيء الأسود يتحرّك كطائر ولا يبقى صامداً وموجهاً، وبذلك قد يكون طائر أسود!

Another bit of fake news spreading around, allegedly showing missile striking area of Beirut Port explosion. If you look closely, however, the "missile" is a bird. 😐 pic.twitter.com/r64ZIdr66b
— David A. Daoud (@DavidADaoud) August 5, 2020

 

سادسًا: أنفاق تحت المرفأ

في أعقاب الإنفجار الضخم، انتشرت صور تُظهر أنفاقًا قيل إنّها محفورة تحت المرفأ، وخلال البحث على جوجل من خلال الصور، تبيّن أنّ الأنفاق موجودة في مقاطعة كنت في جنوب شرق إنجلترا، وليس في بيروت، كذلك فقد أصدر الجيش اللبناني نفيًا للمعلومات المتداولة عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن الأنفاق.

أنفاق

صورة انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي على أنّها لأنفاق تحت مكان الإنفجار لكنّ الحقيقة هي أنّ هذه الأنفاق خارج لبنان

سابعًا، إضاءة أهرامات الجيزة بعلم لبنان

بعد الإنفجار، تداول مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي صورًا لأهرامات الجيزة وهي مضاءة بعلم لبنان، ونشرت وسائل إعلام لبنانية الصور أيضًا، ولكن بحسب "اليوم السابع" فالصور التقطت منذ عامين وليست جديدة، كما قال مصدر في وزارة الآثار المصرية "لا صحّة لهذا الخبر".

مصر

الصورة عن "تويتر"

ثامنًا: ماكرون يزور سيدة لبنانية

تداول ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي صورةً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يظهر فيها جالسًا في منزل متواضع إلى جانب سيدة عجوز، وقيل إنّ الصورة التقطت في أحد أحياء بيروت المتضررة والمدمّرة جراء الإنفجار وأنّ السيدة بالقرب من ماكرون هي لبنانية وطلبت لقاء الرئيس اللبناني، إلا أنّ ماكرون هو من لبّى طلبها. لكن تبيّن فيما بعد أنّ الصورة كان ماكرون قد نشرها عبر حسابه على "انستجرام"، وهي في فرنسا وليس في لبنان.

ماكرون

الصورة من حساب ماكرون على إنستجرام

تاسعًا، حفرة هائلة خلّفها الإنفجار

بعد تداول صور لحفرة كبيرة جدًا، أرفقت بمعلومة أنّ انفجار بيروت الضخم خلّفها، أوضح "ميزان فرانس برس" أنّ الصورة ملتقطة قبل خمس سنوات في الصين، وليس في بيروت. مع العلم أنّ الإنفجار في بيروت خلف حفرة بعمق 43 مترًا، بحسب خبراء فرنسيين عاينوا مكانه.

حفرة

نصائح للصحفيين

تكثر مصادر الشائعات بدءًا ممّا يُنشر على "تويتر" ويُعاد تغريده مئات وآلاف المرات، وهنا يجدر بالصحفيين عدم أخذ المعلومة ونقلها بعد رؤيتها على موقع التدوين الأزرق أو من خلال "واتسآب"، بل عليهم الإطلاع على الشخص الذي نشر المعلومة لأوّل مرة، والتدقيق فيها والإتصال بمصادر موثوقة قبل بثّها في وسائل الإعلام، إضافةً إلى التحقق من الصور والفيديوهات والإستعانة بخبراء يستطيعون كشف تزييف الصور والتلاعب بالألوان وإدخال عناصر جديدة إلى الفيديوهات الأصلية.

وبالنسبة للناشطين، عليهم عدم نشر وتداول أي فيديو أو صورة تصلهم إلا بعد التحقّق من الجهة المرسلة، هل أرسل الفيديو شخص ذو ثقة، وإذا انتابتهم الشكوك حول فيديو أو صورة ما، فالأفضل ألا يتداولوها.

كذلك يمكن للصحفيين والناشطين فحص الصور والتأكد إذا ما كانت معدّلة أو مزيفة من خلال التطبيقات التالية، التي كانت قد نشرت شبكة الصحفيين الدوليين عددًا من المقالات عنها، من بينها مقال يوضح كيفية استخدام 12 أداة لاكتشاف التلاعب بالصور:

أولاً، يمكن أن يلجأ الصحفيون إلى البحث عن الصور عبر محرك جوجل، كذلك يمكنهم أخذ "سكريت شوت" من أي فيديو والبحث على جوجل، وسيعرض محرّك  البحث على الفور المصادر التي كانت نشرت هذه الصورة، مع تاريخ النشر ومكان التقاط الصورة والمحور المرتبط بها.

ثانيًا، Pic2Mapيمكن أن يستخدم الصحفيون هذه الأداة التي تقرأ البيانات الخفية للصورة، وتحدّد مكان التقاطها والأداة المستخدمة في التصوير.

ثالثًا، Forensically: بإمكان الصحفيين استخدام هذه الأداة المتخصصة في كشف الصور المفبركة التي تم التلاعب في عناصرها، من خلال تحليل الصورة وكشف الأجزاء التي تم تعديلها.

رابعًا، Youtube Data viewer: يستطيع الصحفيون التحقق من مقاطع الفيديو من خلال هذا الموقع.  

خامسًا، يستطيع الصحفيون الإستعانة بصور من الأقمار الإصطناعية التي توفرها "جوجل إيرث" ليقارن منطقة ما، الأبنية فيها، المرفأ كيف كان، بمحتوى الفيديوهات المتداولة للتأكد من الأماكن إذا كانت فعلاً في بيروت أو في مناطق أخرى.

                                                                سارة عبدالله

 

مصدر الخبر
شبكة الصحفيين الدوليين - SNS

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.