تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عنصرية أمريكا تستيقظ

مصدر الصورة
وكالات

صادق ناشر

طفت الممارسات العنصرية بشكل جلي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ لم تتمكن المحاولات التي تبذلها الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض، من إخفائها؛ لأنها تمارس بشكل نظامي ومجتمعي أيضاً، وقد وصلت الأمور إلى حد المواجهات الدامية، كما نراها منذ عدة أيام في مينيابوليس وغيرها من المدن الأمريكية، احتجاجاً على قتل الشاب الأسود من أصل إفريقي جورج فلويد من قبل أحد عناصر الشرطة الذي مارس ساديته بحق الرجل، ولم تمنعه صرخاته ولا توسلات عدد من الحاضرين الذين شهدوا الواقعة، من قتله.

لقد استيقظت العنصرية بشكل أقوى ونشطت بشكل أكبر، والفضل يعود إلى السياسة التي يتبعها الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي كثف هجماته على قوانين الهجرة، بعدما هدد بمراجعتها، والتي اعتادت عليها الولايات المتحدة؛ بل قامت على أساسها منذ ما يزيد على 200 عام؛ أي منذ استقلالها عن بريطانيا؛ إذ إن أسس الدولة في الولايات المتحدة تستند على المهاجرين الذين غيروا تاريخ البلاد إلى الأبد.

اليوم تحصد السياسات العنصرية التي لم تنتهِ، أرواح الآلاف في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من التصالح المؤقت مع السود عندما انتخبت أمريكا أول رئيس أسود في تاريخها، وهو باراك أوباما قبل ما يقرب من 12 عاماً، فإن جذوة العنصرية لم تنطفئ، وأعاد إليها شرارتها من جديد الرئيس «الأبيض» دونالد ترامب الذي لعب على وتر اللون، وأدخل معه البلاد في أتون حرب أهلية سيكون مداها أكثر اتساعاً من الوقت الحالي، إذا لم تتدارك الإدارة الأمريكية مخاطر الذهاب إلى العنف.

ما يثير المخاوف هو أن موجة الاحتجاجات اتسعت لتشمل العديد من الولايات، حيث أظهر الناس حالة من الغضب حيال السياسة القائمة على العنصرية، حيث تبدو معها السلطات عاجزة عن السيطرة على المحتجين الذين أحرقوا مؤسسات ومراكز تابعة للولايات، كما تمت عملية نهب واسعة للمتاجر ومراكز التسوق، تعبيراً عن حالة الغضب التي تسود الشارع الأسود، الذي وجد نفسه يتعرض لتمييز واسع النطاق، بعد أن كان هذا التمييز يمارس في السابق على نطاق أقل من الوقت الحاضر.

لم تنجح الولايات المتحدة في تقديم نموذج يُحتذى في مكافحة العنصرية؛ بل على العكس. فقد أظهرت الكثير من الأعمال السينمائية حقيقة التوحش الذي يسود المجتمع الأمريكي منذ عقود ضد اللون الأسود، لم تُفلح معه الإدارات الأمريكية في الحد من خطورته على القيم التي قامت عليها الولايات المتحدة.

احتجاجات السود التي تجوب كل أمريكا ستكتب وبلا شك صفحة جديدة في تاريخ البلاد. صحيح أنها قد لا تنتزع حقوقاً جديدة، لكنها ستعيد النظر في الحقوق التي نجحت المؤسسة البيضاء «العنصرية» في تغييبها طوال عقود من الزمن، وقد حان الوقت لاستعادتها.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.