تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المشروع التركي أكبر من ليبيا

مصدر الصورة
عن الانترنيت

كمال بالهادي

التدخل التركي العلني في ليبيا من خلال اعترافات كبار المسؤولين الأتراك، يؤكّد أن القوى الإقليمية في المنطقة قد استوطنت الجدار العربي، ويؤكّد أنّ ليبيا ليست سوى مجرّد بداية في خطوات التمدد التركي في المنطقة العربيّة، كما يثبت أنّ الجسم العربي العليل، قد نهشته القوى المتحالفة ضدّ أي طموح عربي.

وزير الدفاع التركي يتباهى علناً بأن بلاده استطاعت قلب الموازين في المعارك الدائرة بين الجيش الوطني الليبي وبين الميليشيات الإرهابية، وهذا منطقي باعتبار أن الجيش الوطني لا تصله المساعدات العسكرية بذات الحجم الذي تضخه تركيا في ليبيا. فالأخيرة استطاعت نقل أكثر من 10الآف مقاتل إرهابي خبروا طويلاً حرب العصابات، واكتسبوا قدرات حربية أرهقت أعتى الجيوش. وهي تضخ أسلحة متطورة وطائرات دون طيار وبوارج حربية متمركزة في البحر المتوسط، فضلاً عن حشد كبار الضباط الأتراك لإدارة المعارك. فمن الطبيعي أن يخسر الجيش الوطني ساحة معركة في قاعدة الوطية، دون أن يخسر الحرب، ولكن، هل يستطيع الصمود طويلاً أمام الهجمة التركية الشرسة، وأمام وقوف العرب متفرجين، ولا يجرؤون على الدخول العلني في معركة تمس أمنهم القومي؟. الجيوش العربية مقيدة بقرارات سياسية، وهي تعرف أنّ الدوائر قد تدور عليها يوماً، خاصة من «العدو» التركي، الذي يريد فرض التيار «الإخواني» بالقوة ليصبح الحاكم بأمره في الدول العربية.

لنقُلها صراحة، تركيا هي مثل الكيان الصهيوني، كلها قوى إقليمية، يعمل كل من جهته على تدمير الكيان العربي. لقد نجحت تركيا في تدمير سورية من خلال رعاية جحافل الإرهابيين، وهي تتخذ من ذريعة نشر الديمقراطية، تماماً مثلما فعلت الولايات المتحدة في العراق، ورأينا بأعيننا «الجنة» العراقية على المنوال الأمريكي، كما نرى بأعيننا «الجنّة» السورية على المنوال التركي..

إضافة إلى هذا، فإنّ تركيا تحاول السيطرة على تونس من خلال حزب النهضة، ومن خلال الأموال القطرية التركية التي تذهب إلى الأحزاب والجمعيات «الإخوانية». وقد بدا واضحاً أنّ حجم التغلغل والاصطفافات التي باتت تونس تتورط فيها بسبب سياسات حركة النهضة «الإخوانية». وبعد تحييد سوريا المنهكة بحرب مدمّرة، فإنّ التجييش التركي في ليبيا له ما وراءه، لأن ليبيا ستكون مجرد بداية، نحو الشرق، وتحديداً مصر. لأن أنقرة تعتبر أن الدولة الوطنية في مصر هي عدوها الأول في الوطن العربي، وستعمل لو دان لها الأمر في ليبيا، دعم جماعة «الإخوان» في مصر، ولوجّهت تلك الجحافل التي ألقت بها في ليبيا، إلى الشرق لتخوض بالنيابة عنها معارك الإمبراطورية العثمانية الجديدة. ليس الأمر مجرد خيال علمي، ولكن تركيا أصبحت قوة استعمارية صريحة الأهداف، وهي مثلما خربت سوريا وليبيا لن تتورع عن تخريب أي دولة عربية أخرى، تقف ضد مشروعها الاستعماري.

الحشد الإعلامي، لما وقع في ليبيا، على خلفية خسارة الجيش لقاعدة الوطية، والاحتفالات التي أعلنتها القوى «الإخوانية» في تونس وفي مصر، في قطر وفي كل البلاد العربية، يكشف بوضوح، أن المشروع أكبر من ليبيا على أهميتها الاستراتيجية، بل هو يمتدّ لضرب عمق العروبة والصمود. إنه مشروع معادٍ للأمة العربية، مستهدف لمقدّراتها. فتركيا التي تقصف المنشآت والآمنين في ليبيا، هي ذاتها التي ترسل المساعدات الطبية للكيان الصهيوني لمواجهة فيروس كورونا. إن العدو واحد من أنقرة حتى تل أبيب، شاء من شاء وأبى من أبى.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.