تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«كورونا» يضرب تركيا.. و«العدالة والتنمية»

مصدر الصورة
عن الانترنيت

محمد نور الدين

ضرب وباء كورونا بقوة في كل العالم. ومن كان يعتقد من الدول أنه بمنأى عنه ثبت أنه مخطئ في التقدير، وهو ما يفسر كل هذه الأرقام المخيفة التي ضربت إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية.

كان أمام هذه الدول الوقت الكافي لأخذ العبر والدروس مما حصل في الصين وكوريا الجنوبية وإيران، واتخاذ إجراءات كافية للتصدي لهذا الوباء ومنع انتقاله إليها، لكنها لم تفعل، وسوء التقدير كان في أساس الكارثة التي حلت في هذه الدول.

لكن ما فاقم سوء التقدير هو أن حكومات هذه الدول عندما فتك الوباء بها أساءت إدارة الأزمة، وهذه أكثر وخامة من سوء التقدير. صحيح أن هذا الوباء كان أكبر من طاقة الدول على تحمله والتصدي له بنجاح، لكن بعض الدول ومنها مثلاً الصين ولبنان، امتلكت الجرأة وحسن التقدير والإدارة، بحيث اتخذت إجراءات جازمة وزجرية في مرحلة مبكرة، فالصين التي كانت أول من غدرها الوباء، استطاعت تطويقه وبالكاد لامس عدد الوفيات حتى الآن 3500 شخص، وأصبحت في المرتبة السابعة من حيث الإصابات والثامنة من حيث الوفيات، بعدما كانت في المرتبة الأولى في كليهما، وكانت الأولى التي تحملت عبء التصدي لوباء جديد غير واضح.

بعد سوء التقدير جاء سوء الإدارة في الدول الأوروبية والولايات المتحدة بشكل خاص، فإذا كانت المستلزمات الطبية مثل الكمامات وأدوات فحص الفيروس والأسرة في المستشفيات وعدد الأطباء والممرضات لا يكفي، فهذا أمر طبيعي؛ لأن الوباء غير متوقع وأكبر من طاقة كل الدول، ومن غير المنطقي تجهيز أعداد كبيرة من المتخصصين تفوق حاجة أي بلد في الأوقات العادية ليبقوا بلا عمل فعلي.

في هذه اللحظة بالذات جاء حسن إدارة الأزمة شرطاً لنجاح أي بلد في مواجهة وباء كورونا.

تركيا نموذج للدول التي فشلت في مواجهة الوباء، أولاً بسوء التقدير؛ فقد ظلت تركيا التي وصلها الوباء في العلن متأخراً، تعتقد أنها ستبقى بمنأى عنه أو أنه سيجيء إليها خفيفاً نظيفاً مهفهفاً، لكن في النهاية جاء الوباء. وما سرعة انتشاره وتقدم تركيا في وقت قصير جداً لتكون في المرتبة التاسعة من حيث الإصابات مع معدل يومي يقارب خمسة آلاف إصابة، سوى دليل على أن الوباء كان قد استحكم في مفاصل المجتمع في وقت مبكر، ولم يعد ثمة إمكانية لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

أما سوء الإدارة فقد حصل بعد بدء انتشار كورونا في تركيا، حيث إنه ما دام الوباء قد وقع، فإن الأجدى لحكومة حزب العدالة والتنمية أن تتعظ مما جرى من قبل في إيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، وتبادر إلى إجراءات جذرية تبدأ في اتخاذ قرار بمنع التجول والبقاء في البيت وقطع كل خطوط التواصل مع العالم إلا في الحالات الضرورية.

وحتى هذه اللحظة، لم يكن قد تم اتخاذ إجراءات زاجرة وقاسية تحول دون انتشار الوباء. وآخر مهزلة في هذا الإطار، منع التجول بدءاً من الأسبوع الماضي وكل أسبوع فقط ليومي السبت والأحد؛ بل أكثر من ذلك بلغ سوء الأداء والإدارة مبلغاً جعل وزير الداخلية سليمان صويلو يعلن منع التجول قبل ساعتين فقط من سريان مفعوله، ما أدى إلى تهافت الناس إلى المخازن والأفران لشراء حاجياتهم الملحة وتزاحمهم أمامها، ما يعني حتماً ارتفاع مخاطر نقل العدوى التي يجب أن تظهر نتائجها في الأيام والأسابيع المقبلة، باعتبار أن الفيروس يحتاج إلى أيام وربما أكثر لتبدأ أعراضه في الظهور.

كورونا أظهر أيضاً أعراض المرض في بنية حزب العدالة والتنمية؛ إذ استقال وزير الداخلية سليمان صويلو متحملاً على ما زعم مسؤوليته، لكن رفْض رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان لها أظهر مسرحية ممجوجة، وربما صراعاً بين صويلو من جهة وأردوغان المنحاز إلى صهره برات البيرق من جهة ثانية، لكن أردوغان غير قادر على التخلص نهائياً في هذه اللحظة من صويلو.

ضربت كورونا تركيا بسبب سوء التقدير وسوء الإدارة، وتمددت لتضرب بنية حزب العدالة والتنمية، والمسلسل الدرامي السياسي لم ينته بعد.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.