تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كابوس أمريكا المزدوج.. «كورونا» والديون

مصدر الصورة
عن الانترنيت

رومينا بوكيا*

ما مِنْ شك في أن الحكومة (الأمريكية) لها دور في الاستجابة لحالات الطوارئ الوطنية الكبرى مثل وباء فيروس كورونا الجديد العالمي. ولكن استجابتها يجب أن تكون محدّدة بدقة وقصيرة المدى. ويجب ألا تدفعنا إلى مزيد من الديون.

ويجب أن يظل تركيز الكونجرس والحكومة مُنصبّاً على الاستجابة بشكل مباشر لأزمة الصحة العامة، في الوقت المناسب، وبطريقة هادفة وشفافة ودون أن تؤدي إلى ديْن عام خلال العملية.

لن يكون الأمر سهلاً. الكونجرس والرئيس ترامب يلجآن إلى إجراءات مالية طارئة، مثل التفويض بتمويل اتحادي إضافي لدعم الولايات في الاستجابة لأزمة الصحة العامة، ولإبقاء الموظفين مرتبطين بأرباب عملهم، مع منع كل الصعوبات الاقتصادية غير المبررة، ولتقديم إعفاءات ضريبية مؤقتة للشركات والأفراد الذين يعانون اضطراباً في التدفق النقدي. وفي خضمّ كل هذا النشاط، يجب على المشرّعين أن يتصرّفوا بحزم واحتراز.

كان المشهد المالي للبلاد يبدو خطيراً للغاية قبل وباء فيروس كورونا. وما لم يعمل الكونجرس على إصلاح ما يُحرّك هذا الإنفاق المتزايد، فإن التراجع الاقتصادي الناتج، وكذلك الإجراءات المالية التشريعية للتخفيف من الضرر الاقتصادي، سيزيدان الاحتمالات الخطرة لحدوث أزمة في الديْن العام.

ويتجاوز الدّيْن الوطني الإجمالي بالفعل حجم اقتصاد الولايات المتحدة، إذ يبلغ 23.5 تريليون دولار، وتوقعتْ تصوّرات مكتب الميزانية في الكونجرس، التي صَدرتْ قبل وباء فيروس كورونا، عجزاً سنوياً يزيد على تريليون دولار في المستقبل المنظور. وكان من المتصوَّر بالفعل أن تنمو العجوزات سريعاً بوتيرة تتجاوز النموّ الاقتصادي، وهو سيناريو غير مستدام إلى حدٍّ كبير إذا سمحنا له بالاستمرار لفترة طويلة جدّاً.

وبالانتقال السريع إلى الظروف القائمة اليوم، تجد الأمة نفسها في خضمّ أزمة في الصحة العامة، مع قيام الحكام في جميع أنحاء البلاد، باتخاذ إجراءات كان يتعذر فهمها سابقاً للتقليل من معدل انتقال فيروس كورونا الجديد. وهذا يشمل إغلاق العديد من الشركات والأعمال التي تُعتبَر «غير ضرورية»، وهو ما يُحتمل أن يثير موجة مدمرة من عمليات التسريح من العمل والإفلاس مع تداعيات يمكن أن تستمر إلى ما بعد حالة الطوارئ الوطنية ذاتها.

وظلت استجابة الحكومة الفيدرالية حتى الآن، متينة ومركزة بشكل منطقي على إجراءات مؤقتة وهادفة تعالج بشكل مباشر، أزمة الصحة العامة وأكثر تداعياتها الاقتصادية تدميراً.

أولاً، خصص الكونجرس 8.3 مليار دولار من خلال قانون المخصصات التكميلية للاستعداد لفيروس كورونا والاستجابة له، لتلبية حاجة موظفي الصحة العامة إلى موارد إضافية، ولتوسيع مدى توافر مساعدة قروض الكوارث للشركات الصغيرة.

وبعد ذلك بوقت قصير، أعلن الرئيس حالة طوارئ وطنية مرتبطة بمرض فيروس كورونا، وهو ما يجعل 50 مليار دولار من المساعدات المالية الفيدرالية متاحة للولايات، والمناطق المحلية والأقاليم.

ومِن شأن حزمة تشريعية ثالثة أن تزيد العجز بما يبلغ تريليوني دولار -وهو ما يضاعف العجز الفيدرالي عمليّاً ثلاث مرات- ويعتمد ذلك على التفاصيل التي يتبناها المشرّعون عندما يتمكن الحزبان من التوصل إلى اتفاق.

وقد حذّر المراقبون الماليون، بمَن فيهم كاتبة هذه السطور، المشرعين من دفع العجز إلى الارتفاع، بأسلوب مستهتر خلال الأوقات القوية اقتصادياً، لأن التصرّف بشكل غير مسؤول سيجعل الحكومة أقلّ قدرة على الاستجابة لأزمة غير متوقعة، ويمكن أن يعجّل خطر أزمة في الديْن العام.. وللأسف، لقد بلغْنا ذلك.

مع استمرار الكونجرس والإدارة في الاستجابة لتهديد الصحة العامة الوشيك، يجب عليهما الموازنة بين الاحتياجات المتضاربة التي تتطلبها الاستجابة لحالات الطوارئ، والمسؤولية المالية، والحيوية الاقتصادية.

وتعتمد متطلباتُ اللحظة الراهنة، ومسؤوليتُنا تجاه الأجيال الشابة والأجيال القادمة، على التصرّف الحكيم من قِبل المشرّعين الفيدراليّين اليوم. والفشل في التهيئة، تهيئة للفشل.

*مديرة «مركز جروفر م. هيرمان» للميزانية الاتحادية في مؤسسة التراث (الأمريكية)

موقع: مجلة «ناشيونال إنترست» (الأمريكية)

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.