تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كورونا يغيّر الموازين

مصدر الصورة
عن الانترنيت

علي قباجه

يقال إن السياسة هي فن الممكن، وأحد أوجه هذه المقولة، أن السياسة هي فن الممكن في الزمن الممكن، فهل يا تُرى ستكون التوجهات العالمية راهناً تبعاً لكورونا؟ وهل سيفرض الفيروس المجهري رؤى جديدة تغير مجرى الأمور؟ وهل بإمكانه القيام بما عجزت عنه أعتى الأسلحة؟ أسئلة كثيرة تُطرح على الساحة العالمية التي انشغلت بفيروس شلَّ حركتها، ودمر اقتصاداتها، وبات الجميع رهن إشارة ذلك الترياق، الذي ينتشل العالم مما يعانيه. فهل يحقق كورونا ما لم تحققه دوائر السياسة والمنظمات العالمية؟

بنظرة سريعة للعالم، نجد أن كورونا بالفعل استطاع قلب موازين عدة؛ إذ في ظله توقفت جزئياً معارك سورية، ولم يعد الاحتلال «الإسرائيلي» يرمي بكل ثقل عدوانه على الأراضي الفلسطينية؛ بل هناك حكومات شُكلت بغية تجاوز المرحلة الراهنة التي تفرضها هذه الجائحة، كما حدث في دويلة الاحتلال التي أخذ ساستها يحثون الخطى لتشكيل حكومة لمواجهة تداعيات كورونا، وكما يحدث كذلك في العراق الذي رفض ساسته تمرير حكومة علاوي إلى أن وجدوا أنفسهم مكرهين على قبول حكومة الزرفي، التي باتت قاب قوسين أو أدنى من رؤية النور بغية تجاوز المحنة الحالية.

يبدو أن الفيروس الذي استحوذ على الاجتماعات العالمية، وعُقدت لأجله مؤتمرات لم يتسبب فقط بأزمات اقتصادية وركود مالي، بل إنه أدى إلى أزمات سياسية، أبرزها ما كان بين الولايات المتحدة والصين، اللتين تبادلتا الاتهامات حول نشأة الفيروس، وظلت تلك الاتهامات في ساحة الأخذ والرد إلى أن جاء تصريح ترامب الذي وصف الفيروس بأنه «الفيروس الصيني»، و«فيروس ووهان»، والأمر لم ينحصر بينهما؛ إذ امتدت تداعيات الفيروس إلى دول أوروبية مثل ألمانيا التي كانت تمارس سياسة متزنة تجاه واشنطن، لكن عندما حاولت الأخيرة ابتزازها، وتسخير الأطباء الألمان عبر الرشى لإنتاج الدواء في واشنطن، خرج الوزير الألماني ممتعضاً بعبارة «ألمانيا ليست للبيع».

كورونا وضع العالم دون سابق إنذار تحت مقصلته، لكن الغريب أن هذا الوباء الذي تجاوز عدد المصابين به النصف مليون، بدل أن تتوحد تجاهه الدول، فإن الكثير منها أظهرت جشعها، كما فعلت واشنطن مؤخراً، التي حاولت الاستئثار باختبارات العلاج بغية احتكاره، كما أن هذا الفيروس كشف عورات دول أوروبا، التي تركت إيطاليا وحيدة تصارع الموت بمفردها، ما اضطرها إلى طلب المساعدة من الصين، التي لم تتأخر عن مد يد العون لها، لتكافئها روما بإنزال علم الاتحاد الأوروبي من سمائها، ورفع العلم الصيني مكانه، وهو ما فعله رئيس صربيا الذي قبّل العلم الصيني اعترافاً بفضل التنين في مواجهة الأزمة. واللافت أن روسيا التي يفرض عليها حظر أوروبي، سارعت إلى إرسال مساعدات إلى روما بما يؤكد أن المشهد العالمي ما بعد كورونا لن يكون كما كان قبله. فهل يا ترى سيرسم الفيروس خريطة جديدة للتحالفات العالمية قبيل زواله؟

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.