تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فرصة للوحدة الإيرلندية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

فيصل عابدون

تمثل واقعة إعادة توحيد ألمانيا الحادثة التاريخية الوحيدة التي غيرت من الجغرافيا السياسية للقارة الأوروبية خلال الفترة التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية، رغم أن هذه الوحدة كانت حدثاً منتظراً ومتوقعاً إلى حد كبير، فألمانيا كانت دولة واحدة لم تقع تحت الاحتلال ولم يتم ضمها أو إلحاقها بأي دولة أخرى، بل جرى تقسيمها إلى ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، وهما شطران مجزآن لدولة واحدة تم تقسيمها حسب رغبة الحلفاء، وعندما حان الوقت وسمحت الظروف عادت دولة واحدة كما كانت دائماً.

واليوم يتحدث الخبراء والمحللون عن حادثة أخرى ليست مماثلة تماماً، وهي افتراضية إلى حد ما، وظلت مطروحة بقوة منذ عقود، وتتعلق بإمكانية توحيد جزيرة إيرلندا مع إيرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني بعد الفوز التاريخي لحزب اليسار«شين فين» بنتائج الانتخابات الإيرلندية.

وبحسب النتائج المعلنة فقد حقق الحزب الاستقلالي اختراقاً تاريخياً في الانتخابات التشريعية، وحل في المركز الثاني بفارق مقعد واحد فقط عن حزب فيني فيل «جنود المصير» الذي حصل على 38 مقعداً، في حين حصل حزب «العائلة الإيرلندية» بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته ليو فاردكار على 35 مقعداً، ليتراجع بذلك إلى القوة الثالثة في البرلمان. شكّلت هذه النتيجة زلزالاً سياسياً في البلاد، إذ أصبح الحزب القومي اليساري ندّاً لحزبي يمين الوسط الرئيسيين اللذين هيمنا على الحياة السياسية منذ الاستقلال قبل نحو قرن.

وال«شين فين» حزب قومي ينشط في جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية ويرفع منذ إنشائه شعار الاستقلال عن بريطانيا، وخاض جناحه العسكري حرباً استمرت ثلاثين عاماً ضد الحكم البريطاني. وظلت الدعوة لانفصال الشمال عن بريطانيا والانضمام للجزء الجنوبي تتردد بوتائر مختلفة وتتخذ أشكالاً متباينة من المواجهات السياسية والعسكرية المستمرة طوال سنوات، لكنها أصبحت أكثر إثارة للقلق في لندن خلال المساجلات المرتبطة بقضية «البريكست».

وخلال الحملات الانتخابية الأخيرة شددت زعيمة ال«شين فين» ماري لو ماكدونالد على أن «بريكست» يجب أن يليه استفتاء حول وحدة الجزيرة الإيرلندية خلال خمس سنوات. وقالت إن «أيام الانقسام باتت معدودة والتغيير قادم. واعتبرت أن«بريكست» قلب كل القواعد.

وحديث الزعيمة الإيرلندية ليس تهديداً أجوف فهو مسنود من الناحية القانونية باتفاق«الجمعة العظيمة» المبرم في 1998، لإنهاء العنف، وهو ينص على تنظيم استفتاءين على جانبي الحدود إلى توحيد الجزيرة إذا رأت لندن ودبلن دعماً عاماً لذلك. كما أنه مسنود بالرغبة الشعبية العارمة على جانبي الحدود.

وعلى أي حال فمن غير المتوقع أن تستسلم بريطانيا من دون معركة في حال أصبحت قضية استقلال إيرلندا الشمالية ووحدتها مع شطرها الجنوبي مسألة جدية وتهدد وحدة المملكة المتحدة، ذلك على الرغم من هشاشة الوضع البريطاني نفسه، والذي ضعضعته معارك «البريكست» الماراثونية.

ومع ذلك وفي حال أصبح الانفصال أمراً واقعاً فلن يكون ذلك حدثاً صاخباً على غرار الوحدة الألمانية، ذلك أن الفرق بين الحدثين شاسع وبعيد.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.