تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

د. اليان مسعد يكتب : أهلنا في سورية .. كل عام وأنتم بخير بعيد "القوزللي"

مصدر الصورة
وكالات

والقوزلي كلمة آرامية تعني البداية , والبداية هنا رأس السنة على الحساب الشرقي ويصادف بذات يوم عيد رأس السنة الأمازيغية لأهل المغرب العربي كما يصادف عيد الغطاس عند المسيحيين وهو اعتماد المسيح بنهر الاردن من قبل يوحنا المعمدان ومشهده ورأسه مدفون بكنيسة يوحنا والآن الجامع الاموي بدمشق . أو هو عيد القداس كما يطلق عليه بالساحل السوري الجميل الذي زين سوريا بشهدائه وصبر وبياض وجمال نسائه , السلام لهم وكل عام ونحن وهم بخير

أذكر جيداً بحمص ببدء شبابي وقبل قدوم الطاعون الوهابي الرسمي منه والشعبي إلى سوريا في أوائل سبعينات القرن الماضي كانوا يحتفلون بأعياد رائعة منها خميس المشايخ الفولكلوري وعيد الرابع والقوزللي وباشتراك كل فسيفساء حمص الجميلة , كنت أتلمسه و في مثل هذا اليوم الثالث عشر من كانون الثاني في كل عام يحتفلون من حمص وحتى البحر بعيد أساسي دون الأعياد الأخرى بعيد القوزللي أو القداس أو الغطاس على التقويم الشرقي حيث تقوم ربات البيوت بإعداد الحلويات وأنواع الكبة والقلايا (الزلابية أو الزنغل عند الدمشقيين ) والحلاوة بأنواعها لأهل البيت وللضيوف أما الرجال فكانوا يستيقظون باكراً للذهاب إلى آبار وما يسمى بالغبيط ( برك الماء) ليغطسوا فيها ويتطهرون من أجل إقامة صلاة العيد . أما فرحة الأطفال فكانت تتجلى في لباسهم الجديد وبالفرنكات والليرات أحياناً التي يقدمها الأهل والزوار لهم بهذه المناسبة لينطلقوا فور حصولهم عليها إلى الساحات ليركبوا المراجيح و"الشقليبة" التي ينصبها أحد الرجال وتعمل يدوياً مقابل فرنك يدفعه الطفل . وفي هذا اليوم كانت تتم فيه المصالحات النقية بين المتخاصمين و بمسامحة فطرية صادقة أما بعد قدوم الطاعون الوهابي الرسمي والشعبي فقد تم القضاء على مظاهر هذه الأعياد وحل الحقد والطائفية والانقسام والدمار ونحمده وهو الذي لا يحمد على مكروه سواه.

كانت احتفالات القوزللي أكثر جمالاً من بقية الأعياد وكان لابد لكل أسرة أن تربي جدياً ، وكان كل رب أسرة يشتري الجدي في شهر أيلول ويبدأ بتربيته والعناية به وتغذيته , وبأرياف الساحل السوري الأخضر كان الجدي يذبح ويعلق أمام البيت لأن البرادات لم تكن معروفة بعد ويستمر الاحتفال لمدة أسبوع وفي اليوم الأخير تقوم ربة المنزل بطبخ مابقي من الجدي مع البرغل بحمص بقدور الفخار وأهل الساحل مشهورين بها وتجتمع العائلات مساء وكان لابد من الغناء وعلى الجميع الغناء مهما كان الصوت رديئاً.

وتمر الأيام ...وتغيرت الاحتفالات بعيد القوزللي وبقي العدد القليل من الناس يحتفلون بهذا العيد , فلقد احتلت أفلام الفيديو سهرات الضيعة ولم يعد الناس يشعلون نيراناً من الحطب لأن المدافئ الكهربائية صارت منتشرة واختفت رائحة أغصان البطم التي تفرقع بالمواقد.

كل عام وانتو بألف خير مواطنينا السوريين بشكل عام وبالساحل السوري بشكل خاص سنة مباركة على الجميع وبمناسبة القوزلي عيد القداس أو عيد رأس السنة الشرقية أو الغطاس كما تشاؤون أتمنى أن يكون لكم الحظ الوافر بجار طيب ليقول لكم بوده ولهجته المحببة يا جار "عيزمكن ع كبيبات ومسيلوقات وزليبيي (زنكول) وهريسة وهبول وقمحية". وكل عام والسوريون جميعاً بخير .

                          د. اليان مسعد

مصدر الخبر
صفحة د. اليان مسعد على الفيسبوك

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.