ما الذي يحدث في مشفى كرم اللوز بحمص
لم تكد نيرمين تنهي حزنها على طفلها الرضيع الذي توفي منذ أشهر إثر خطأ طبي حصل في مشفى كرم اللوز بحمص حتى صعقت بخبر مماثل بعد وفاة طفلها الثاني عقب إهمال طبي تعرض له في المشفى ذاته.
المرأة البالغة من العمر ثلاثين عاماً دخلت في غيبوبة استمرت لأكثر من يومين بعد سماعها الخبر الذي سلبها طفلها المولود حديثاً وبنفس الطريقة.
هل هو القدر أم الإهمال ؟
استيقظت نيرمين بعد كابوس عاشته وهي غير مصدقة ما حصل لرضيعها "أنا مؤمنة بالقضاء والقدر ولكن أن يقع هذا القدر لنفس السبب فأنا أعتقد أنه إهمال متعمد وعدم شعور بالمسؤولية من قبل القائمين على العمل الطبي والتمريضي في مشفى كرم اللوز فحياة الناس أصبحت ألعوبة بيد البعض منهم وهناك عشرات الحالات التي تثبت ذلك."
ما الذي حصل إذاً ؟
"خرجت من المشفى بعد إجراء عملية جراحية "قيصرية" ناجحة ولد على إثرها طفلي بصحة جيدة وكما معظم الأطفال فإن حديثي الولادة يحتاجون للبقاء في جهاز الحاضنة لعدة أيام لذلك كان من الضروري العودة إلى مشفى كرم اللوز لوضعه في الحاضنة لأن كلفة الليلة الواحدة في قسم الحواضن بالمشافي الخاصة تصل إلى 25 ألف ليرة سورية وهذا مبلغ كبير بالنسبة لي,"
تضيف نيرمين "دخل طفلي الحاضنة عند الساعة السادسة والنصف من تاريخ السادس عشر من الشهر الجاري وهو يعاني من تجفاف وعلى الفور تم استدعاء الطبيب المختص إلا أنه لم يحضر إلى المشفى فقام الكادر التمريضي بإجراء الفحوصات نيابة عن الطبيب وبعد ساعات قالت لنا إحدى الممرضات أن الطفل بحالة جيدة ولا حاجة لبقائي في المشفى,"
يختنق صوت نيرمين وتنهمر دموعها بغزارة وتقول بصوت يملؤه الألم "عند الساعة الحادية عشر والنصف تلقينا اتصالاً من المشفى يفيد بأن طفلي ..... توفي"
ما هي الأسباب التي دفعتكم للقول أن الوفاة ناجمة عن إهمال ؟
يقول سائر والد الطفل "بمجرد وصولنا إلى قسم الحواضن كان الطعام يفترش الطاولات فهل هو أمر طبيعي ؟ كيف للكادر التمريضي أن يتناول الطعام في غرفة من المفترض أن تكون على أعلى درجة من التعقيم ؟"
يضيف سائر " اتصلنا مراراً بالطبيب المختص لكي يحضر إلى المشفى ولكنه لم يأت فهل هذا الأمر طبيعي أيضاً أم أن الأطباء المختصين اعتادوا على إهمال واجباتهم في المشافي الحكومية وعدم التقيد بجدول مناوباتهم ودوامهم الرسمي والعكس تماماً عندما يتعلق الأمر بالمشافي الخاصة أو عياداتهم ؟"
يواصل سائر "ما قام به الكادر التمريضي دون الرجوع إلى الطبيب المختص يندرج في حالة الإهمال لناحية عدم معرفتهم بنوع العلاج المناسب للطفل, حتى لو امتلكوا الخبرة, والوفاة لو أنها وقعت أثناء وجود الطبيب أو تحت اشرافه كان ذلك ليكون أقل وطأة على قلوبنا من أن يهمل هذا الطفل بتلك الطريقة"
ما الإجراءات التي اتخذتموها ؟
يقول سائر " قمت بإبلاغ مدير المشفى الدكتور ناصر ادريس بما حصل وطلبت الطبيب الشرعي إلا أنه لم يحضر أيضاً ولكن الصدمة الكبرى كانت عندما بدأ تبرير الوفاة بأسباب ليست واقعية وبعيدة عما حصل فعلاً ومحاولة تجنيب الكادر التمريضي والطبيب المختص تحمل المسؤولية "
يضيف سائر "لم أتحمل أن أسمع المبررات ذاتها التي قيلت لي عندما توفي طفلي الأول وعقدت العزم أن آخذ بحق هذا الطفل المسكين لذلك توجهت إلى المحامي العام وقمت بتقديم بلاغ بالحادثة أحمّل فيه مشفى كرم اللوز ومديرية الصحة بحمص المسؤولية التقصيرية بوفاة الطفل"
ما النتائج التي ترجونها من ذلك ؟
تقول نيرمين " لن أدع حق طفلي يضيع كما ضاع حق طفلي الذي سبقه والأمر لا يتعلق فقط بهذا الطفل إنما بالأطفال الذين من الممكن أن يفقدوا حياتهم نتيجة تقاعس الكادر الطبي في مشفى كرم اللوز وغيره من المشافي الحكومية عن تأدية واجبهم الأخلاقي قبل واجبهم المهني لأن حياة الناس ليست لعبة أو سلعة يتم المتاجرة بها"
يضيف سائر " إن الجهات المختصة باشرت تحقيقاتها بملابسات الحادثة وعلى الرغم من أن إدارة المشفى قامت بكتابة تقرير مخالف لما حصل ورجحت أسباب الوفاة المباشرة وغير المباشرة للتجفاف إلا أن من قام بكتابة هذا التقرير هي طبيبة أطفال لم تكن موجودة في المشفى وقت الحادثة وهذا الأمر يطرح تساؤلاً عن أسباب تستر إدارة المشفى على أخطاء الكادر الطبي المتكررة بينما يمكنها أن تتخذ إجراءات إدارية وقانونية بحق المقصرين"
ينهي سائر حديثه "سأنتظر نتائج التحقيق ولن أتراجع قبل أن أرى القانون يأخذ مجراه والمقصر ينال جزاءه مهما كانت طبيعته"
هي ليست القصة الأولى وربما لن تكون الأخيرة إن كانت عن قصد أو غير قصد فالنتيجة واحدة وهي أن القطاع الصحي بحمص يحتاج لوقفة طويلة أمام سلبيات ما يحصل من إهمال ولا سيما عندما يتعلق الأمر بحياة الناس.
حيدر رزوق
