تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إردوغان والمقامرة مع الكبار..؟!

مصدر الصورة
وكالات

العملية التركية الثالثة ضد أراضي الجمهورية العربية السورية، عدوان موصوف، وتخالف كل المواثيق والعهود والمعاهدات والقوانين الدولية، وهي، كما العمليتين اللتين سبقتاها، احتلال لأجزاء من دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة. وأياً كانت تسمية هذا العدوان والغايات والحجج والتبريرات التي نسجها حوله رئيس النظام التركي المنافق رجب طيب إردوغان، فإن العدوان مُدان ويجب أن يتوقف. وبغض النظر عن سلوك بعض التنظيمات الكردية، المتآمرة مع الأمريكان وغيرهم ضد المصلحة السورية الوطنية، وضد وحدة وسيادة أراضي الجمهورية العربية السورية، فإنه لا يحق للنظام التركي التدخل في الشأن السوري، دون طلب من السلطات الشرعية الرسمية السورية، وهذه السلطات لم تطلب تدخله ولا تريده، بل لطالما رفضته وأدانته وطالبت بإنهائه. ولكن السؤال الجوهري، ما هي نتائج العدوان التركي المحتملة على تركيا وإردوغان ونظامه؟

لقد حصد إردوغان إدانات عربية ودولية كاملة، باستثناء "قطر"؛ ولكنّ المهم في هذه المواقف القادرة على ردّ الفعل والتأثير، ثلاثة؛ روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي ليست متطابقة كما ظهر ذلك "بوضوح" الخميس 10/10/ 2019 في مجلس الأمن الدولي؛ فربما لأول مرّة جاء الموقف الروسي ونظيره الأمريكي متطابقين برفض "إدانة" العدوان التركي على الأراضي السورية، بعكس الموقف الأوروبي الذي طالب بهذه الإدانة. بالطبع لم يعر إردوغان بالاً أو أهمية للتصريحات والمواقف الأوروبية، بل هاجم هذه المواقف وانتقدها، وهدد دول الاتحاد الأوروبي بفتح الحدود أمام عشرات آلاف اللاجئين لابتزاز هذه الدول. 

ولكن، وللتذكير، فقبل بدء العدوان الإردوغاني الأربعاء 9/10/ 2019، نقلت وسائل الإعلام خبرين؛ الأول عن اتصال لإردوغان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والآخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي كلا الخبرين لم ترد تفاصيل أو معلومات عن رفض الرئيسين بوتين وترامب للعدوان على سورية، بل تم الحديث عن شروطٍ لكل منهما؛ فقد أكد الرئيس بوتين على ضرورة التزام تركيا بوحدة وسيادة أراضي الجمهورية العربية السورية، وقيل إنه تلقّى وعداً بذلك من إردوغان؛ فيما طالب الرئيس الأمريكي، الرئيس التركي الالتزام بحدود معينة، تبيّن أنّ أحدها عدم التعرض للجنود الأمريكيين المتواجدين في الشمال السوري، والذين تم سحب العشرات منهم كدليل على الموافقة الضمنية على بدء العدوان التركي. والسؤال الذي يطرح نفسه؛ ماذا لو لم تلتزم تركيا بوحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، ولا بالحدود "الغامضة" التي حددها ترامب لنظيره التركي..؟!

روسيا تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع تركيا سياسياً وتجارياً واقتصادياً وحتى عسكرياً. والمواقف الروسية استطاعت على الأقل وضع تركيا العضو في "حلف الناتو"، في موقع الوسط، حتى لا نقول أكثر، بين التزاماتها السابقة بموجب هذه العضوية وعلاقاتها الجديدة مع موسكو. ولذلك فإن روسيا، التي تدعم الموقف السوري الرسمي الساعي لاستعادة جميع الأراضي السورية إلى سلطة الدولة السورية، تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها مع أنقرة لا تقاس بأهمية علاقاتها مع التنظيمات الكردية في الشمال السوري المتعاملة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي رفضت حتى الآن العودة لسلطة الدولة السورية والتراجع عن سلوكها وممارساتها التي تسببت بالعدوان التركي، مع أنّ في اليد الروسية أكثر من عصا لترفعها في وجه إردوغان إنْ شاءت ومتى أرادت ذلك وسيكون ذلك مكلفاً حقاً لتركيا.

من جهته، لدى الرئيس الأمريكي أسباباً عديدة يراها كافية لمعاقبة الرئيس التركي على سياساته التي لا تصب في الوعاء الأمريكي؛ ليس آخرها شراء منظومة صواريخ "أس400" الروسية، في تحدٍّ لواشنطن. وقد كان ترامب واضحاً خلال الأيام الماضية في رفع العصا الأمريكية الغليظة في وجه تركيا: سحق الاقتصاد التركي، وهذا ليس جديداً، ففي الصيف الماضي قادت تصريحات لترامب إلى تراجع قيمة الليرة التركية وشكلت ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد التركي هددت بانهياره. ولاشك بأن للرئيس الأمريكي مؤيدين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمواقفه الضاغطة على إردوغان وحكومته، بل وداعين لفرض العقوبات وممارسة الضغوط على تركيا وقيادتها لإجبارها على وقف العدوان على الأراضي السورية؛ وليس العدوان التركي على سورية إلا سبباً من بين الأسباب العديدة، وأحد المآخذ على الحكومة الإردوغانية، وربما يكون "القشة" التي ستفجر الخلافات المكبوتة و"تقصم" ظهر إردوغان .

تركيا تسير على خيط رفيع بين الشرق والغرب، والعدوان العسكري الغبي على أراضي الجمهورية العربية السورية قد تكون له تبعات كبيرة على أنقرة ونظام إردوغان، وقد يكون حجة للولايات المتحدة (بالطبع ليس محبة بالأكراد) لتدفيع أردوغان وتركيا أثمان سياسات وممارسات لم تعجب واشنطن ولم ترضِها، وذلك بحسب ما ترتأي الإدارة الأمريكية ومن خلفها الكيان الإسرائيلي استخدام هذا العدوان. ومما لاشك فيه أيضاً أنّه سيكون "للنتائج الميدانية" للعدوان التركي تأثيراً مهماً على الوضع الداخلي في تركيا، وعلى حزب العدالة والتنمية، وعلى إردوغان شخصياً، لاسيما في ظل تزايد "توازن" المعارضة التركية وتراجع تأييد إردوغان وحزبه.. !!

 

                                                   بديـع عفيـف

 

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.