تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ضبط الفوضى النووية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

يونس السيد

بغض النظر عن الاتهامات المتبادلة بين موسكو وواشنطن حول المسؤولية عن انهيار معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، إلا أن المعاهدة التي وقعها الرئيسان السابقان الأمريكي رونالد ريجان والسوفييتي ميخائيل جورباتشوف في خضم الحرب الباردة عام 1987، انتهت بالفعل في الثاني من آب الحالي، لتفتح الطريق نحو سباق نووي جديد لا جدال في أنه سيشكل خطراً على الأمن الاستراتيجي والاستقرار العالمي.

مهما كانت الذرائع التي يسوقها الطرفان؛ لتبرير عدم مسؤوليتهما عن انهيار المعاهدة، فإن البديل سيكون أسوأ بكثير من حيث إطلاق سباق نووي جديد لا يخضع لأية قيود أو قوانين، ويخرج عن منظومة المراقبة الدولية، ما يعني نشوء حالة من الفوضى النووية من شأنها أن تشكل خطراً ليس فقط على روسيا، أو على أمريكا وحلفائها الأوروبيين في حلف «الناتو»، خصوصاً وأن إحداث هذه الفوضى يسير باتجاه منهجي مع تضاؤل فرص تمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية الإستراتيجية «ستارت 3» الموقعة في عام 2010، والتي تنتهي في عام 2021. ولكن لماذا وصل الجميع إلى هذه النقطة، وهل يتعلق الأمر فعلاً بنشر الصاروخ الروسي «9 إم 729» متوسط المدى على حدود أوروبا والذي تعده واشنطن وحلف «الناتو» خرقاً للمعاهدة، وتهديداً لدول الحلف، بينما تصر موسكو على أن مداه الأقصى يبلغ 480 كلم، ولا يدخل في نطاق المعاهدة التي تحدد مدى هذه الصواريخ ب 500 إلى 5500 كلم ؟. كانت واشنطن أعلنت في تشرين الأول 2018 أنها ستنسحب من المعاهدة خلال ستة أشهر، فيما ردت موسكو في شباط 2019 بتعليق مشاركتها في المعاهدة، مشيرة إلى أن نشر صواريخ أمريكية باليستية على حدودها وتطوير صواريخ بيرشنج وكروز نووياً ونشرها في أوروبا والدول الحليفة في آسيا (اليابان وكوريا الجنوبية)، يجعل من وصولها إلى الأراضي الروسية لا يستغرق أكثر من ثلاث إلى أربع دقائق، وبالتالي لن يكون لدى موسكو الوقت الكافي للتقييم وتقرير طبيعة الرد، أي أنها سترد مباشرة، وبالأكيد ستكون أوروبا إلى جانب حلفاء واشنطن الآسيويين ساحة لهذا الرد، وربما الولايات المتحدة نفسها، ما يعني اندلاع حرب نووية لا أحد يعلم نتائجها.

في المقام الأول، من المؤكد أن أوروبا هي الأكثر تضرراً من إلغاء المعاهدة؛ ولذلك فهي تدعو للحوار وإعادة ضبط الفلتان النووي وإدخاله ضمن منظومة المراقبة الدولية؛ وفق قوانين واضحة لا لبس فيها لكل الأطراف؛ لكن الأمر بالنسبة لواشنطن يبدو مختلفاً، فهناك شعور أمريكي بوجود تفوق روسي في مجال الأسلحة النووية، وهي تريد أن تعطي نفسها الوقت الكافي لتطوير أسلحتها بالمقابل، وإلا لكانت بالفعل انتهجت طريق الحوار وحل المشكلات العالقة مع الروس، والأهم أن واشنطن تسعى لإدخال الصين في هذه المعاهدة؛ انطلاقاً من أن معظم الصواريخ النووية الصينية هي متوسطة المدى، وهي قادرة على تدمير القواعد الأمريكية البرية والبحرية في جنوب شرقي آسيا.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.