تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تحديات أمام الإعلام العربي

 فتـحي مـحـمود

يواجه الإعلام العربى خلال المرحلة الحالية تحديات جساما نظرا لطبيعة التطورات المتلاحقة التى تشهدها المنطقة، والطفرة التكنولوجية الهائلة فى وسائل الاتصال الجماهيرى.

وإذا كان أبسط تعريف للإعلام لغةً أنه مصدر من «أعلم .. يعلم»، واصطلاحاً هو عملية نقل الخبر أو وجهة النظر أو كليهما من طرف إلى آخر، فإن ثورة التكنولوجيا إفرزت لنا الإعلام الجديد وهو مصطلح حديث لم يعد فيه نخبة متحكمة أو قادة إعلاميون، بل أصبح متاحاً لجميع شرائح المجتمع وأفراده، ورغم ذلك مازال الإعلام التقليدى صاحب السطوة فى التأثير على الجماهير وخاصة بعد انتشار الفضائيات.

ورغم أن إجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالقاهرة بعد غد هو اجتماع لدورة عادية، فإن الظروف الحالية تحتم أن يكون اجتماعا غير عادى، وحتى جدول أعماله العادى يضم بنودا مهمة للغاية مثل متابعة الخطة الجديدة للتحرك الإعلامى العربى فى الخارج ، والاستراتيجية الإعلامية العربية ، ودور الاعلام العربى فى التصدى لظاهرة الإرهاب، واللجنة العربية للإعلام الالكتروني، وانشاء راديو وتليفزيون الكترونى للجامعة العربية، وانشطة قطاع الاعلام والاتصال وبعثات جامعة الدول العربية فى الخارج.

وكل موضوع من هؤلاء يحتاج إلى إجتماع مستقل، وعلى سبيل المثال فإن دور الاعلام العربى فى التصدى لظاهرة الارهاب محور فى منتهى الخطورة، ولابد من تفعيل هذا الدور بالشكل الصحيح فى إطار المواجهة الشاملة للإرهاب، خاصة أن هناك تداخلا خطيرا فى علاقة الإرهاب بالإعلام، فالإرهاب يستغل وظيفة الإعلام فى ترويع الآمنين، واثارة البلبلة ،ونشر الفوضى وهو ماحدا بالدكتور انطونى سشرودر أستاذ الإعلام الأمريكى الشهير إلى القول بأن الإعلام هو أفضل صديق للإرهاب، بل والذهاب إلى حد أن الإعلام هو شريك للإرهاب لأن تأثير الترويج للعمل الإرهابى قد يكون أخطر كثيرا من العمل الإرهابى نفسه.

وحسب الباحثين النفسيين، فإن محركى العمليات الإرهابية قد يحجمون عن تنفيذ عملياتهم إذا علموا مسبقاً أنها لن تترافق والدعاية الإعلامية الكافية عن الخسائر التى ألحقوها بأعدائهم، أما هدفهم الأساسى من وراء ذلك، فيتمثّل بإيجاد أجواء التأزم والفوضى والانهيار، وهى أجواء تفسح المجال أمام انتشار الشائعات المغرضة، وخصوصاً التى تؤلب الرأى العام ضد السلطة المحلية وتثير خوف المواطنين انطلاقاً من شعورهم بعجز الأجهزة الأمنية عن حمايتهم. ومن هنا، جاءت التوصيات العالمية بضرورة محاربة الإرهاب بالسلاح النفسى ذاته الذى فرضه على المجتمعات المحلية والعالمية منذ عقود، بقصد إخضاع الرأى العام للأمر الواقع، وهذا يعنى إعادة صياغة التوجهات المنطقية للعلاقة الطبيعية بين الإعلام والمجتمع، وخصوصاً فى ظل الامتداد الواسع لما يسمى رسالة الإرهاب العالمى المعاصر.

وفى السياق نفسه تبرز أهمية الخطة الجديدة للتحرك الإعلامى العربى فى الخارج الموجودة على جدول أعمال وزراء الإعلام العرب بعد غد، فالإعلام العربى لم ينجح حتى الآن فى مخاطبة الرأى العام العالمى والوصول إليه بشكل فاعل، رغم كل المحاولات التى جرت بهذا الشأن والتطور التكنولوجى الكبير الذى شهده العالم، ناهيك عن عدم وجود رسالة إعلامية عربية واضحة متفق عليها لتوجيهها إلى الغرب، وهو ما يتطلب جهدا كبيرا من وزراء الإعلام العربى وهم يدركون أكثر من غيرهم أهمية وخطورة هذا الموضوع.

إن العالم كله يعى تماما خطورة سلاح الإعلام، وقد بلغت قناعة الولايات المتحدة بأهمية وفاعلية الإعلام بشكل عام ، والسياسى بشكل خاص  أن صرفت النظر منذ عدة أعوام عن المضى فى استكمال خطة لتطوير الصاروخ (أم- أكس) التى تتكلف 1.8 مليار دولار ، فى الوقت الذى قبلت أن تنفق مبلغ 2.3 مليار دولار على مشروع لتطوير أداء إذاعة صوت أمريكا لكى تُسمع فى جميع أنحاء العالم بصورة أكثر قوة وتأثيراً.

ولن يصبح لدينا إعلام عربى قوى ومؤثر على المستوى القومى والدولى، إلا إذا كانت هناك رؤية واضحة للتعامل مع الإعلام المحلى لدى كل دولة عربية ، خاصة فى ظل وجود قوى للقطاع الخاص فى هذا المجال وانتشار الإعلام الجديد، وهناك رؤية مهمة فى هذا السياق يعبر عنها أحد أبرز خبراء الإعلام العرب وهو الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسنى وزير الإعلام العمانى وهو من وزراء الإعلام العرب القلائل الذى لديه خبرة اكاديمية فى هذا المجال، كأستاذ فى الإعلام وحاصل على الدكتوراه فى إدارة المؤسسات الصحفية من المملكة المتحدة.

وتعتمد هذه الرؤية على تطوير الأداء المؤسسى للإعلام بكل أبعاده، من أجل تطوير رسالة إعلامية وطنية، تعمل على ترتيب أولويات المجتمع، بما يتفق وحاجاته المعرفية، ويعزز هويته الوطنية، وتطلعاته نحو المستقبل، وبما يتفق مع تحقيق التنمية المستدامة والتوعية الشاملة المستمرة وفق السياسة العامة للدولة والمحافظة على مصالحها العليا.

إن هذه الرؤية تمثل الأساس الذى ينبغى أن تكون عليه الرسالة الإعلامية محليا، والتى يمكن الانطلاق منها بعد ذلك إلى المستوى القومى والدولى.

# كلمات: الله لايمكن أن يعطينا عقولا ويعطينا شرائع مخالفة لها: ابن رشد

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.