تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الرأي وأخواتها.. أدوات للدولة أم شركات تعاني!

 سميح المعايطة

الحديث عن واقع الصحف الورقية (الأردنية) ومشكلاتها يحتل المكانة المتقدمة في هذه المرحلة وبخاصة في ظل الاهتمام الايجابي من مجلس النواب ولجنة التوجيه الوطني، ولعلنا في «الرأي» أيضاً نواجه السؤال من الكثيرين عن وضع «الرأي» وما هي الحلول التي يمكن أن تساهم بشكل جذري في إزالة أي شعور بالقلق أو مخاوف لدى أصحاب المؤسسة أو العاملين فيها، وهنا لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:

1.  إن «الرأي» -ومعها أخواتها- لها شكل قانوني وهو أنها شركات مساهمة عامة يساهم فيها صندوق استثمار الضمان بحوالي 55% إضافةً إلى مؤسسات وأفراد من القطاع الخاص، لكن البعد الآخر للرأي أنها مؤسسة تقوم بدور مباشر وصريح في حمل رسالة الدولة والتسويق لسياسات وقرارات الحكومات، كما أنها تخوض معارك الدولة وتنطق باسم التوجيهات العامة، وهو دور تفتخر به الرأي، لكنه يحدد مسارات لها على صعيد سياسة التحرير وغيرها، إضافةً إلى الدور الهام لصحيفة الجوردن تايمز المطبوعة الوحيدة التي تصدر باللغة الانجليزية والتي يعلم أصحاب القرار مكانتها ودورها الكبير.

وعلينا أن ندرك أن كل الحكومات تتعامل مع « الرأي» و «الدستور» على أنهما صحفها، وعندما يظهر مقال أو مادة ناقدة لأي حكومة، أو تكون التغطية الإخبارية غير مرضية لأي رئيس حكومة فإن الملاحظات وما هو أكثر أحياناً تصل لرؤساء التحرير، لأن لسان حال الحكومات أنها «صحفنا».

ما نحتاجه أن نجد معادلة بين الشكل القانوني كشركات مساهمة عامة، وبين دورها السياسي والوطني، فلا يجوز في حالة وقوع أي صحيفة في أزمة أن يقال أنها شركة، بينما عندما يتعلق الأمر بالمضمون يكون التعامل معها أنها «صحيفتنا».

2.  ربما ما يحتاج إلى حسم أو إعادة تأكيد هو مكانة الصحف الورقية الرسمية وشبه الرسمية وربما أشكال أخرى من الإعلام لدى بعض فئات المسؤولين، وهل ما زال موقعها أنها أدوات من أدوات الدولة أم شركات تعاني من مشكلات مالية، لأن التصور والمكانة لهذه المؤسسات يترك آثاراً مباشرة على الحلول والجدية، فمثلاً هنالك الملكية الأردنية إحدى الشركات التي تعاني من خسائر بعشرات الملايين لعام واحد، وديون بمئات الملايين، ولديها مشكلات إدارية ومالية ورواتب عالية وإمتيازات للعاملين، لكن لأن الدولة على قناعة بأن هذه الشركة ذات مكانة استراتيجية وسيادية فإنها تبحث لها بهدوء عن حلول بجد واجتهاد بما في ذلك رفع رأسمال الشركة وزيادة مساهمة الحكومة...، وهذا الأمر هو ما نحتاج إلى حسمه بالنسبة للإعلام الرسمي وشبه الرسمي.

3. وفي الحديث عن «الرأي» فهي مؤسسة لديها إيرادات سنوية تصل إلى حوالي 20 مليون دينار، ولديها كلف تشغيل كبيرة، وكانت قبل عدة سنوات تحقق أرباحاً يحصل عليها المساهمون وفي مقدمتهم صندوق استثمار الضمان وكل المؤسسات والأفراد المساهمين، لكن قراراً اتخذه مجلس إدارة سابق بموافقة من صندوق استثمار كان بإنشاء مجمع المطابع التجارية الذي بلغت كلفته حوالي ( 37 ) مليون دينار غير الوضع المالي للمؤسسة، لن نتوقف عند النوايا بل نفترض أنها ايجابية ولغايات تحقيق أرباح من خلال استغلال أسواق عربية، لكن هذا المشروع الذي بدأ العمل فعلياً في بداية تشرين ثاني 2013 وضع على المؤسسة ديوناً تدفع المؤسسة اليوم خدمة الدين من أقساط وفوائدها حوالي (300) ألف دينار شهرياً، كما أن هذا المشروع واعتباراً من الحسابات الختامية لعام 2014 سيفرض على المؤسسة خسائر بمبلغ أكثر من (2) مليون دينار هي قيمة الاستهلاكات للمبنى والماكينات، وهي ليست خسارة مدفوعة، وليست ناتجة عن الرواتب أو كلف الانتاج، وستظهر نسب الاستهلاك على شكل خسائر خلال بضعة أعوام قادمة، ربما يكون الحل المباشر والجذري الذي تحتاجه «الرأي» تعاوناً من كل الجهات الرسمية وصندوق استثمار الضمان للذهاب نحو إزالة كل الأعباء المالية التي فرضها هذا المشروع على «الرأي» من ديون وخدمة ديون وكلف تشغيل من خلال فصل المشروع في شركة منفصلة بالتوازي مع إيجاد شريك أو شركاء استراتيجيين، من خلال شراكة أو بيع للمشروع، وهو مسار سيساهم بشكل كبير في تحقيق النسبة الكبرى من الاستقرار المالي والإداري للمؤسسة وسيجعلها قادرة على الاستمرار في دورها الإعلامي والوطني.

هذا الحل جزء من مهمات مجلس الإدارة لكنه أيضاً يحتاج إلى مساعدة وتعاضد من جهات رسمية عديدة لها علاقات مع مستثمرين، لأن مجلس الإدارة وفقاً للتشريعات وبخاصة الأعضاء الممثلين للضمان الاجتماعي لا يمكنهم اتخاذ قرارات كبرى دون العودة إلى المالك الذي يمثلونه، كما أن الرأي نظرياً ملف يهم كل الدولة والوقوف إلى جانبها ضرورة.

«الرأي» مؤسسة لا تعاني مثلما تعاني صحف أخرى، وهي تسدد كافة التزاماتها تجاه العاملين والبنوك وكل الجهات، وهي لا تواجه سؤال البقاء لكنها تحتاج إلى منظومة حلول جوهرها حل مشكلة مجمع المطابع وما يفرضه من أعباء مالية مباشرة وغير مباشرة بما فيها الاستهلاكات التي تتحول إلى خسائر سنوية، فالرأي لا تحتاج إلى مساعدات مالية من الحكومة بل إلى مساعدتها في السعي نحو الحل الجذري.

4. إضافةً إلى ما سبق فهناك مشكلات أخرى إدارية ومالية تحتاج إلى معالجة بما فيها تطوير التسويق والعمل على زيادة الإيرادات، لكن ليس من ضمنها أي تفكير بالاستغناء عن الموظفين أو حرمانهم من مصدر رزقهم، فهم ليسوا مسؤولين عن أي تعامل تاريخي لم يكن مناسباً، ومن يفقد وظيفته من أي مؤسسة يتحول إلى عبء على الدولة أو أحد رواد صندوق المعونة الوطنية، وما دامت هناك حلول ممكنة لمشكلة أي مؤسسة فالأصل أن لا يكون الخيار الأسهل هو أرزاق الموظفين وبخاصة في مؤسسات مهما قيل عنها فإنها محسوبة على الدولة والحكومات، والمس بأرزاق الناس فيها ليس حلاً بل مدخل لأزمات أخرى.

5.  وأشير إلى أن مجلس إدارة الرأي قد حول إلى النائب العام ملف مجمع المطابع في ظل شبهات الفساد التي يتحدث عنها العاملون.

وأخيراً :- فإذا كان الجهد النيابي الإيجابي قد فتح الباب أمام مناقشة بعض جوانب أزمة الصحافة الورقية فإننا نتمنى من عقل الدولة ومطبخها أن يضع هذا الملف للبحث وانجاز الحلول بشكل شامل بعيداً عن الإجراءات الفرعية مثل رفع سعر الإعلان الحكومي وغيره، فهي إجراءات مهمة مالياً لكن إدارة هذا الملف تحتاج إلى رؤية متكاملة فيها جوانب سياسية ووطنية ومالية وإدارية، هذا إذا أردنا التعامل مع ملف الإعلام باعتباره ملفاً يعالج إحدى أدوات الدولة وليس شركات تعاني من مشكلات أو تعثر كامل.

وفي مقال آخر، بعنوان: «شيزوفرانيا» التعاطي مع الرأي

كتبت ايـاد الوقـفي:

تعاني صحافتنا الوطنية ما تعاني، بفعل ممارسات وقرارات عشوائية لمجالس ادارات تعاقبت عليها أقل ما يمكن وصف قراراتها بالمغامرة، لم تكن مبنية على أسس واضحة ومتينة مما جعل البناء هشاً يسهل انهياره عند أول منعطف صعب.

فصحيفة الرأي تتمتع بخصوصية يعلمها المواطن والمسؤول على حدٍ سواء، فهي منبر وطني حر يحمل رسالة وطن، وهي الذراع القوية التي لا تلين ولا تهادن حين يتعلق الأمر بمصلحة الوطن ومستقبله وأمنه، لكن البعض يصر على أن يُحمّل الرأي ما لا تحتمل في إبعادها عن رسالتها التي ديدنها الانتماء لثرى الاردن الطهور وقيادته الهاشمية، يصلون الليل بالنهار لتكون الرأي بلا رأي أو موقف، حيال ما يجري على مساحة الوطن والاقليم، يريدونها شركة كسائر الشركات تدار بحسابات الربح والخسارة، مجرد أرقام صماء تدار بعقلية التاجر لا حرفاً يضيء سماء الوطن كله.

الرأي رسالة بحجم الوطن أقسم العاملون فيها أن لا يحيدوا عن رسالتها، رغم ما يحاك في ظلمة الليل، من قِبل ثُلةٍ لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، في محاولة بائسة لحرفها عن بوصلة الوطن، فـ «رأينا» لا تعاني أزمة مالية وهي قادرة على الإيفاء بجميع التزاماتها تجاه عامليها ودائنيها الذين حاولوا إغراقها بمديونية لليّ ذراعها، إلا ان جذورها ضاربة في اعماق الأرض عصية على أي مؤامرة شأنها شأن أردننا الذي تحطمت على صخرة صموده كل المؤامرات.

الرأي لا تستجدي دعما حكوميا او عطفا نيابيا، فالمطلوب من مؤسستينا التنفيذية والتشريعية أن تنحازا الى جانب هذه المؤسسات الاعلامية التي تخاطب عقول ابناء الوطن النيرة وتلعب دورا أساسيا في توجيه الرأي العام حيال العديد من الملفات ذات الحساسية «المفرطة» وقلبت مزاج الشارع ازاءها بالحجة والمنطق.

أزمتنا في «الرأي» سببها شيزوفرانيا التعاطي الحكومي مع الصحف، عبر ذراعها الاستثمارية (الضمان الاجتماعي) بصفتها المساهم الأكبر فيها، حين أدخل «الرأي» في مخاطرة غير محسوبة بإنشاء مجمع مطابع في منطقة أم العمد، بكلفة زادت على الـ40 مليون دينار، سوّق في حينه انه مشروع انقطع وصفه سيعمل بكفاءة عالية بطباعة الصحف وكل انواع المطبوعات ليشكل رافداً حقيقياً لخزينة المؤسسة.

ليس مطلوباً من الحكومة أن تقدم معونات الى «الرأي»، بل أن تعالج جزءاً من منظومة الخلل المالي والاداري الذي تم إيقاع المؤسسة به بفعل فاعل، ونُدرك تماماً ان تقديم «المعونة» يعقبه شروط وتدخل مباشر بشؤون الصحيفة وسياستها التحريرية مخالفين بذلك مبدأ استقلالية الصحف التي قال عنها الوزير محمد المومني في جلسة النواب بالأمس، إن الحكومة تعاملت مع قانون نقابة الصحافيين باستقلالية تامة كما قانون استقلال القضاء.

ما يعنينا في نهاية المطاف، أن تتحمل الاطراف المعنية كافة مسؤولياتها تجاه المؤسسة، وأن لا يكون الحل مؤقتاً بالقفز على اجراء هيكلة عقيمة على حساب العاملين، فمن باب أولى ان تتم محاسبة المسؤولين عن تردي اوضاع الصحيفة المالية، وفصل مجمع المطابع عن «الرأي» وإيراداتها وإعفاء مدخلات الانتاج من الضرائب والرسوم، وما تبقى من ملفات عالقة عجز مجلس الادارة الحالي طوال ستة عشر شهراً عن إيجاد حل لها، فالحريصون كفيلون بها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.