تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: أوكرانيا بعد اتفاق مينسك: بوتين هو «الرابح»!!

            ذكرت الأخبار أن اتفاق مينسك لم يبدُ مقنعاً، فهواجس الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، وجدت صدىً في العديد من الصحف ولدى عدد لا يستهان به من المراقبين الغربيين. ورغم أن لغة الهدنة (التي تبدأ غداً) لم تعلُ بعد على صوت المدافع، إلا أنها ارتفعت بتوجّس، أمس، من خلال أصوات بعض المشكّكين بجدواها، إلى حد أنهم وجدوا فيها «انتصاراً جديداً حققه الرئيس بوتين».

وصل توجّس البعض إلى حدّ المغالاة والخوف من إمكانية تأجيل فرض عقوبات جديدة أو إلى التحذير من أن الاتفاق أعطى عذراً جديداً للرئيس أوباما، الرافض أساساً لفكرة تسليح الجيش الأوكراني «المتهالك». هذه القراءة التي كانت صحيفة وول ستريت جورنال من أبرز مشجّعيها، تردّدت أيضاً في صحيفة الواشنطن بوست التي كيفما حاولت النظر إلى اتفاق مينسك وجدت أن بوتين «هو الرابح الأكبر».

ولم تغفل وول ستريت جورنال الدور الغربي في مساعدة بوتين على تحقيق انتصاره، فقد اعتبرت أن الاتفاقية التي حصلت «بمساعدة فرنسا وألمانيا، فرضت الاستسلام»، على أوكرانيا. لكن كيف خرج بوتين منتصراً؟ بكل بساطة رأت الصحيفة أن النقاط التي اتُّفق عليها «مشابهة لتلك التي خرقتها موسكو في اتفاق مينسك السابق الذي وقّع في أيلول الماضي، وبالتالي يجب أن لا يتفاجأ أحد إذا قام الانفصاليون ومن ورائهم الروس باستغلال الـ48 ساعة المقبلة من أجل الضغط للحصول على مزيد من التقدم». لكن «بعد النظر» الذي انتهجته وول ستريت أوصلها إلى خلاصة مفادها أن كل ذلك سيُسهم في تحويل شرق أوكرانيا إلى ساحة أخرى «للقتال الروسي البارد، أقرب إلى الصراع الذي خاضته روسيا مع مولدوفيا بشأن ترانسنيستريا أو مع جورجيا حول أبخازيا، ولكن مع ميّزة جديدة أمام موسكو، وهي بإيقاف هذا الصراع بإرادتها».

وأضافت الصحيفة: ارتكز البعض على تحركات بوتين السابقة، لحض أوروبا والولايات المتحدة على التخطيط لردع تحرّكه المقبل، وإن كان ذلك يعني بالنسبة إلى جزء منهم إضافة المزيد من العقوبات للتأثير سلباً في الاقتصاد الروسي. ولكن بالنسبة إلى آخرين يعبّر عن حاجة ملحة لتسليح الجيش الأوكراني، أو حتى لاستتباع هذه الخطوات بنشر قوات إضافية لحلف «شمال الأطلسي» في دول البلطيق، الأمر الذي اعتبرته «وول ستريت حاجة رئيسية يجب أن تتزامن مع «استيراد الغاز الطبيعي الأميركي إلى أوروبا»، للحدّ من النفوذ الروسي على الدول الأوروبية المجاورة.

«لم يبقَ على بوتين إلا إعلان الانتصار»، بهذه العبارة عقّب الكاتب، مايكل بايرنبوم، على اتفاق مينسك في صحيفة الواشنطن بوست، فقبل محادثات مينسك كثر الحديث عن تسليح أوكرانيا، وبعدها أكد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن الولايات المتحدة مستعدّة لإعادة فرض عقوبات على روسيا عند خرق الاتفاق، لكن الكثيرين رأوا أن اتفاق مينسك الحالي «وضع حداً للحديث عن فرض عقوبات جديدة وأيضاً لتسليح الجيش الأوكراني»، قال بايرنبوم.

ورأى بايرنبوم في مقابل مهاجمة القوى الغربية، كان بوتين يرتفع إلى مصافي «الغموض واللغز» الذي لا يمكن التكهّن بتحرّكاته أو استراتيجياته. «فقد يستغل الغرب اتفاق إطلاق النار كعذر من أجل القيام بالقليل أو لعدم القيام بشيء». أما «الرئيس بوتين فقد يعزّز النصر الذي أحرزه، من خلال استطلاع نقاط الضعف في المشهد الأوروبي، والقيام بخطوة جديدة قبل أن يرأس الولايات المتحدة رئيس جديد قد يتمكن من مقاومة غزواته».

وللاستفاضة أكثر في الحديث عن طباع بوتين، رأت الغارديان البريطانية، أن «اتفاق مينسك لن يجلب السلام، إلا إذا تعلمنا كيفية تدبر أمر بوتين اللغز أو الغامض». بحسبها، فإن «الأهداف متفاوتة بقوة بين روسيا والانفصاليين والأوروبيين والأميركيين، إلى حدّ أن من المستحيل التوصل إلى توافق». أما بالنظر إلى لغة الجسد التي استعملها القادة، فقد رأت الصحيفة في افتتاحيتها «أنها أخبرت قصتها الخاصة»، وهي أنهم «بدوا كأنهم لا يثق بعضهم ببعض. كأنهم يفضّلون أن يكونوا في أي مكان من العالم إلا في مينسك، بدوا كأنهم يتحمّلون المسؤولية، ولكنهم ضمنياً يعرفون تماماً أنهم لم يكونوا كذلك». الحقيقة بالنسبة إلى الغارديان هي: «نحن نعرف ماذا تريد أوكرانيا... نعرف ماذا يريد الانفصاليون.. نعرف ماذا تريد أوروبا.. ولكن بوتين هو الأكثر غموضاً»، لتضيف «في بعض الأحيان يظهر كأنه يكبح جماح الانفصاليين، وفي أحيان أخرى كأنه يعطيهم الضوء الأخضر للقيام بأعمال هجومية... في بعض الأحيان يظهر كأن لديه مخططات كبيرة تؤثّر بأوكرانيا وأوروبا، ثم تأتي أوقات يظهر فيها مدركاً أنه طموح جداً للتفكير في ذلك..».

وفي النهار اللبنانية، تساءل سميح صعب: هل هي حرب على أوكرانيا أم حرب على روسيا؟ من سياق الهجوم الغربي يتبين أن ما يجري منذ أكثر من سنة هو محاولة لانتزاع أوكرانيا من موقعها الروسي وربطها بالغرب من طريق دمجها بالاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي. ربما هذا ما يفسر سر رد الفعل الروسي المبدئي الذي تمثل في ضم شبه جزيرة القرم ومن ثم في الدفاع عن مناطق انفصالية في شرق أوكرانيا وجنوبها.. واضاف الكاتب بأن الصراع منذ الازمة السورية ومن بعدها الازمة الاوكرانية، بات بين نظام دولي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تقوده الولايات المتحدة، ونظام دولي جديد حاولت روسيا تثبيت اركانه، عبر مقاومة المشروع الغربي - العربي - التركي لانتزاع سوريا من محور روسيا - ايران الى المحور المقابل.

وفي هذا الاستقطاب الدولي الحاد، ليس صحيحاً ان العامل الاقتصادي وحده يمكن ان يحسم النتيجة، فالمزيد من الضغط الاقتصادي على روسيا قد يرغمها على التحرك عسكرياً لقلب المعادلات الميدانية الموجودة حالياً... ومنذ الان يشعر بوتين بأن السقوط الكامل لاوكرانيا في الفلك الغربي، سيشكل منصة لانطلاق الغرب في اتجاه اللعب بروسيا نفسها وكأن الحرب الباردة القديمة لم تنته.. وانه لا يزال المطلوب تفكيك روسيا على غرار تفكيك الاتحاد السوفياتي نفسه. لكن المسألة ليست بهذه السهولة!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.