تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السعودية: مال المملكة لا يكفي لاستقرارها:

      لفت حسن شقراني في الأخبار إلى ورقة أعدها مصرف Citi أخيراً، تقول إن السعودية ستخسر قرابة ثلث إيراداتها النفطية هذا العام بسبب تراجع الأسعار.

يتوازى هذا التراجع المالي الحاد مع معطيين آخرين مهمين. الأوّل محلي الطابع، وهو التحدي الماثل أمام الاقتصاد السعودي لخلق أكثر من مليوني فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة، وبالتالي امتصاص غضب شبابي محتمل ضد عدم فاعلية سياسات التوظيف. حالياً تطبق المملكة سياسة تعليمية طموحة في قلبها تصدير الطلاب لكسب العلم في الجامعات الغربية، وتحديداً في أميركا الشمالية، ولكن استيعاب هؤلاء يبقى تحدياً قائماً.

المعطى الثاني المهمّ هو الواقع الإقليمي الذي يفرض على الحكم السعودي انتهاج سياسات تعزّز نفوذه عبر الإنفاق السخي. ولهذه الوضعية أكلاف عالية ليس سهلاً الحفاظ عليها في ظلّ الضيق الحالي، وليس وارداً التخلي عنها، لأن خسارة الأوراق الإقليمية تعني انتهاء النفوذ السعودي، إذ تماماً كما يتبنى الحكم سياسة دعم لأسعار الطاقة بقيمة سنوية تعادل 4% من الناتج المحلي الإجمالي ـ وهو ثاني أعلى معدل إقليمياً بعد إيران ـ فهو يدعم الحلفاء لضمان الولاء.

في المبدأ، السعودية قادرة خلال المدى المنظور على احتواء تراجع أسعار النفط وضعف تدفق الأموال البترولية إلى خزنتها. ولكن في المقابل، فإن الوضعية المالية للسعودية تُعد من بين الأسوأ بين بلدان مجلس التعاون الخليجي. وفقاً لتقرير صندوق النقد نفسه، فإن المملكة ستعاني عجزاً من موازنتها يقارب 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وهو ضعف معدل العجز المتوقع أن تسجّله البلدان الستّ التي تؤلف هذا المجلس النفطي. وللمقارنة، فإن هذا العجز يعادل ثلاثة أضعاف العجز الإيراني المرتقب هذا العام، وسيُسجّل بعدما كان السعودية بالكاد حقّقت موازنة بفائض بسيط العام الماضي. وواضح أن السعوديين يتعاطون بواقعية شبه أميركية مع التطورات الأخيرة التي طرأت على وضعيتهم في سوق النفط العالمية. وقد فسّروا في أكثر من مناسبة أن موقفهم حالياً في سوق النفط، نابع من خشيتهم من خسارة حصص سوقية لصالح الولايات المتحدة والمنتجين الجدد. لذا فهم يُفضلون خسارة القليل الآن عوضاً عن خسارة اللعبة كلياً بعد حين.

وختم التقرير بالقول: ربما يتخطى سعر برميل النفط عتبة 100 دولار خلال أقل من عامين نتيجة تراجع الاستثمارات حالياً. غير أن الترف الذي تمتع به آل سعود في السابق لم يعد ممكناً، وهاجسهم اليوم يجب أن يتخطى إنتاج النفط عالمياً والمنافسة الأميركية. فهم فشلوا حتى الآن في التأسيس لبيئة اقتصادية تحضن التخصص وتخلق فرص العمل. هذا الفشل قد يكلّف العهد الجديد الكثير، وقد يقرّب تجربة الملك سلمان من تجربة الملك فيليب الثاني.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.